يوميات أسبوع 30

الجمعة: أرجوكم تجنبوا جو الاكتئاب وترقب المصائب ونقل الأخبار التي توحى بالخطر. وكفوا عن تصدير مخاوفكم للآخرين. نصيحة أقولها لنفسى قبل أن أقولها لكم، فإننى- مثلكم- لا أكف عن هذه العادة السيئة.

■ ■ ■

السبت: الجنسية الوحيدة التي توفر لرعاياها كل المزايا هي جنسية (الجنة). لا أعرف وطنا على الإطلاق يعد داخليه بعدم الخوف وألا يحزنوا على الإطلاق (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). لا أعرف وطنا يُقال لهم فيه (لهم ما يشاءُون فيها ولدينا مزيد). اللهم اجعلنا من أصحاب هذه الجنسية.

■ ■ ■

الأحد: بصفتى شغوفا بتفاصيل الحرب العالمية الثانية، فإن أكثر ما لفت انتباهى بخصوص هذه الحرب أن كل الدول الكبرى التي تحكم العالم أمس واليوم: بريطانيا- فرنسا- ألمانيا- أمريكا- اليابان- إيطاليا- روسيا، كانت قبل الحرب تترنح من الاقتصاد المتهاوى وحالة جيوشها المزرية. وكانت قواتها تنهار بمنتهى السهولة. لاحظ أنها كانت حربا لا تُحترم فيها أي قواعد، طحن الأوروبيون بعضهم بعضا. حتى لم يبق حجر فوق حجر في كافة أنحاء أوروبا. لكن ما أثار اهتمامى أن هذه الأمم تداركت انهياراتها بسرعة.

ألمانيا كانت تئن من الجوع بمعنى الكلمة في العشرينيات من القرن الماضى، وكان ملايين العاطلين يترنحون في الطرقات بحثا عن ثمرة بطاطس. وفجأة تستطاع هتلر عندما تولى المسؤولية أن ينهض بألمانيا في سنوات معدودات ويجعلها فوق الجميع، ويبنى أعظم جيش مقاتل.

روسيا قطعها الجيش الألمانى كما تقطع السكين الحادة الكعكة الساخنة، وكان قتلاهم وأسراهم بالملايين. ثم استطاع ستالين أن يمزق الجيش الألمانى تمزيقا، ويهدم برلين فوق رؤوس أهلها.

قل الشىء نفسه عن أمريكا التي كان الطريق مفتوحا نحو واشنطن لو وثق اليابانيون بأنفسهم ولم يكتفوا بتمزيق الأسطول في معركة بيرل هاربورر أما فرنسا فقد انهارت تماما في أيام معدودة. إيطاليا كانت عبرة بين الدول في هزائم جيوشها المتلاحقة.

لكن كل هذه الدول استطاعت التوازن أثناء الحرب، وكانت كلمة السر في رأيى هي (الصناعة).

كل هذه الدول كانت تملك قاعدة صناعية تقوم على المعرفة والتكنولوجيا. لذلك كانت كلها قادرة على صناعة الطائرات بالآلاف وكافة آلات الحرب المتقدمة. لو حاولت أن تتبع أسماء العلماء البارزين في القرن التاسع عشر لوجدتهم جميعا في أوروبا وأمريكا. لن تجد اسما واحدا عربيا للأسف. كانوا يملكون المعرفة وفكوا شفرة الصناعة، واستقلوا بأنفسهم، لذلك حولوا الهزائم إلى انتصارات وتماسكوا.

لا أدرى لماذا تخلفت مصر عن هذا الركب المتقدم؟ برغم أن أحوالها الاقتصادية والاجتماعية كانت تؤهلها لذلك. في الوقت الذي كانت أوروبا تدك بعضها البعض كانت القاهرة واحة الأمان والرغد في المنطقة. إنها قصة حزينة فعلا أننا لم نفهم لغة العلم ولم نبن مصانعنا بأيدينا.

■ ■ ■

الاثنين: الحب هو الشىء الوحيد فى العالم الذى- بالفعل- لا يملك أحد شراءه. قد تبدو هذه كجملة وعظية ساذجة ولكنها الحقيقة الراسخة. وكم من فتاة ترفض بلا سبب شابا يبدو جيدا، وتقبل بلا سبب شابا آخر. وقد يكون ذلك الرفض أو القبول بمجرد أن تلقى نظرة على وجهه. ما هى الكيمياء التى تؤلف بين القلوب، وتخلق القبول أو الرفض؟.. لا أحد يدرى!. هى سر من أسرار الخالق. ولماذا يتصادق شابان وتدوم صداقتهما طيلة العمر، بينما يتنافر آخران بلا سبب واضح؟.

أنا- مثل معظم البشر- قد منّ الله على بحب قلوب وفية من حولى أحاطتنى فى رحلة حياتى. عندما أتأملها أجدها جميعها منحتنى الحب بلا سبب واضح وبدون مقابل. لم أفعل لها شيئا يستحق الحب، ولكنها مجرد عطية من الله الواهب صاحب العطايا. مصداقا لقوله تعالى (لوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ). فالحب، شأن كل نعمة فى العالم، من الله وإليه. خالقنا المحبوب الذى لا يكف عن إرسال تودده وهداياه.

■ ■ ■

الثلاثاء: سأقول لكم نصيحة لوجه الله تعالى. لا شىء يضارع عناية المستشفيات الجامعية من ناحية الخدمة الطبية، حتى لو لم تكن الفندقة جيدة. لذلك أوصيت إن أصابتنى وعكة صحية أن يكون اختيارى الأول هو العناية المركزة بمستشفى الجامعة. وأراها أفضل بمراحل من أغلى مستشفى خاص، المهم أن نجد بها مكانا. ولذلك ليت أعمال الخير تتوجه لزيادة عدد أسرة العنايات المركزة الجامعية، ننقذ بها أرواحا لا يدرى بها سوى خالقها.

■ ■ ■

الأربعاء: إذا حدثت لى مشكلة، صغيرة أو كبيرة، وتذكرت لحظتها أن أدعو ربى يأتى الفرج أو لا يحدث ما كنت أخافه. ولكنى لا أتذكر كل مرة، أدركت بمرور الوقت أننى أُلهم الدعاء حين يكون ربى قد قدّر لى الإجابة.

■ ■ ■

الخميس: بدأت بمشاهدة فيلم (لن أذكر اسمه) وفهمت من ملخص الفيلم أنه يدور حول قصة حب. لكن بالبدء فى مشاهدته تبين أنه علاقة غرامية مثلية بين امرأتين. وشرعت أتعجب: لماذا كل هذا الإصرار على المثلية (اسم الدلع الجديد للشذوذ كيلا تتهم بأنك متخلف) برغم أنها علاقة ليست فقط ضد الدين، بل ضد الطبيعة. ولا ينتج عنها نسل يعمر الدنيا. أشعر أن وراء هذا الإصرار المريب على فرض هذه النماذج التى لا نرغب فى مشاهدتها لوبى ذا نفوذ، يقومون بخطوات مدروسة كى يحدث الاعتياد ويتقبلهم المجتمع. وأكثر ما يزعجنى أن الأجيال الجديدة باتت بالفعل تتعاطف معهم، بدلا من اعتبارهم مرضى أو مبتلين ندعو الله أن يعافيهم. بالقطع لا أدعو إلى أى عنف معهم، ولكنى أؤكد على أهمية النفور المجتمعى الذى قد يساعد المترددين فى العودة إلى فطرتهم فى طلب الجنس الآخر وإعمار الدنيا.