يوميات أسبوع 24

الجمعة: جريدة نصف مشهورة كانت تنشر على موقعها الإلكترونى قصصا جنسية فاجرة، بزعم أنها اعترافات يدلى بها أصحابها الذين يريدون المشورة! لكن كان واضحا تماما أنها مفبركة من أجل زيادة عدد القراء. نسيت هذا الموقع ثم تذكرته فأصابنى فضول كى أعرف هل ما زالوا ينشرون هذه القصص الإباحية بعد أن صار الموت على أبوابنا جميعا، ولم يعد يفصلنا عن لقاء الله إلا الستر. وبالفعل، وكما توقعت، وجدتهم قد توقفوا تماما.

كورونا علمت الجميع الأدب.

■ ■ ■

السبت: روبرت ردفورد، النجم خارق الوسامة، في أحد أفلام الويسترن (JeremiahJohnson (1972)) يسأم حياة المدينة ويذهب إلى الجبل، حيث العزلة والتوحش والثلج والأشجار العفية وقطعان الجاموس والهنود الحمر، ليتعلم من الطبيعة دروسا لم تعلمها له حياة المدينة!

وهناك وسط الخطر وهجمات الهنود، حيث يصبح بقاؤك على قيد الحياة إنجازك الصعب، يصطدم بفتى يتيم يُضطر رغما عنه أن يصحبه معه. بعدها حاصرته قبيلة «ذوى الرؤوس المفلطحة»، وبمعجزة لم يقتلوه. وفى الخيمة، وبينما هو جالس مع الزعيم، قدم له هدايا من فرو الرؤوس ومخالب الدببة وهذه الأشياء العجيبة التي تروق للبدائيين! لكنه لم يتصور قط أن الزعيم إذا قدمت له هدايا ثمينة ولم يستطع ردها بأفضل منها، فإنه يعتبرها إهانة من ضيفه لا يمحوها إلا القتل.

بدا على الزعيم الوجوم، ثم قرر أن يرد الهدية بهدية أفضل منها! ابنة الزعيم شخصيا يتخذها زوجة.

حاول روبرت ردفورد أن يحتج، ويقول إنه لا يريد هذه المصيبة! ولكنهم حذروه إما أن يقبل الهدية ويظهر الفرح، وإما أن يسلخوه بقرن الثور من أسفل بطنه حتى أعلى رأسه.

■ ■ ■

البنت اسمها «البجعة»، هندية جدا، ولكنها مليحة، وتنظر نحوه بفضول العرائس! يقول أبوها إنها ستكون له مطيعة وتتبعه أينما ذهب. وهكذا وجد روبرت ردفورد، الهارب من حياة المدينة، نفسه وقد اصطحب طفلا وامرأة على غير رغبة منه! والأدهى أن كليهما لا يتحدثان الإنجليزية!.

نظر إليهما حانقا وقال: «إياكما أن تزعجانى أنتما الاثنين».

نظرت إلى المشهد باسما. ولكن لأننى لست ابن الأمس! ولأننى أعرف كيف تنشأ الكيمياء بين الرجال والنساء! ولأن العروس كانت – تحت الثياب الهندية المبهرجة- حسناء حقا وتحرك المشاعر، فقد كنت أعرف جيدا أن الجليد سيذوب بينهما لا محالة! وأن قصة حب ناعمة سوف تنشأ، تغزلها الألفة الناشئة من مرور الأيام وتتابع الليل والنهار، وتناول الطعام الذي اصطاداه سويا من خير الجبل، والمخاطر التي سيمران بها معا، كل هذه الأشياء الصغيرة هي دانتيلا قصة الحب القادمة، مثلما يحدث دائما في دراما الحياة. ولو كانت العلاقة بين أمريكى مغامر هارب من نفسه، وبين هندية حمراء ذات ضفائر وطقوس.

■ ■ ■

الإثنين: أحسست بقبضة قاسية تعتصر قلبى عندما سمعت بخبر وفاة الصحفية غادة محمد الشريف، وهى غير «د. غادة شريف»، الكاتبة الساخرة! والذى أثار استغرابى أننى لا أعرفها شخصيا، فلماذا أصابنى كل هذا الحزن! وحتى جميع من رثاها بدا فى رثائهم التأثر الحقيقى! كانت فى عنفوان شبابها تفيض بالحماسة والحيوية وتخوض المغامرات الصحفية وتحرز الجوائز، ثم انتهى كل شىء فجأة، كما تنتهى حياة الإنسان عموما رغم الآمال العريضة التى يعقدها فى المقتبل.

رحمها الله، لا بد أن فيها خلقا طيبا وروحا جميلة جعلت حتى من لا يعرفونها يحزنون لفقدها.

■ ■ ■

الثلاثاء: يعجبنى فى بابا الفاتيكان، وفى الكنائس عموما على اختلاف طوائفها، أنها ترفع الصلوات من أجل كل البشرية، ولا تقصرها على من ينتمون إليها. وأعتقد أننا- كمسلمين- يجب أن نقتدى بهم فى ذلك، فنرفع دعاءنا لجميع الجنس البشرى! بل لكل مخلوقات الله من حيوان وطير وما نعلم وما لا نعلم!

إلى الله، خالق الكل، الرحيم بنا، نرفع صلاتنا أن يرحم كل مخلوقاته.

■ ■ ■

الأربعاء: هناك شىء لا أفهمه. فى الحياة الواقعية أجد الناس يذهبون إلى فراشهم بغرض النوم، فيغمضون عيونهم وينامون! وبعد ثمانى ساعات يدق جرس المنبه، أو تدق ساعتهم الداخلية، فيغادرون الفراش ويمارسون نشاط يومهم! هذا لا يحدث لى على الإطلاق! أصلا دخولى فى النوم مذبحة تستغرق ثلاث ساعات غالبا، مع العلم أنى أتناول المنوم! وبعد دخولى فى النوم أستيقظ على الأقل عشر مرات، وحين يدق جرس المنبه أجد كل عضلة فى عنقى وظهرى تؤلمنى وكأننى خضت معركة دامية! والألعن أننى أشاهدهم فى الأفلام يدق جرس الهاتف، فيتحدثون، ثم بعدها يعاودون النوم! فكيف تحدث هذه المعجزة؟

■ ■ ■

الخميس: فى مشهد لا ينُسى لفيلم (الزواج على الطريقة الإيطالية) إنتاج عام ١٩٦٤. ظلت «صوفيا لورين» عشيقة لوقت طويل لرجل أعمال، زئر نساء، من النوع الذى يروق للنساء! وبعد علاقة طويلة، وحين بدأ شبابه فى الذبول، تعلق بعاملة الخزنة (الكاشير) الحسناء اللعوب الشابة، وقرر أن يتزوجها.

«صوفيا لورين»، عشيقته المخضرمة، أحست بالغدر وأنها أولى النساء بالزواج به! ومن ثم ادّعت المرض وأنها على وشك الوفاة، ومرت خدعتها ليس على العشيق فحسب، بل على الطبيب والكاهن والخدم! وكلهم توسلوا إليه أن يعقد قرانه عليها قبل أن تموت، كيلا تجلل بالخطيئة الأبدية! وهكذا فعل!

ولكن المفاجأة أنها بمجرد أن صارت زوجة رسمية حتى وثبت من فراش المرض، بكامل صحتها وعنفوانها، ليجد نفسه موثقا فى علاقة أبدية، زواج كاثوليكى يا محترم لا يوجد به طلاق أصلا.

بالطبع يمكنكم أن تتخيلوا حاله، بعد أن وقع زئر النساء المحنك فى هذا المقلب، ولعله موعظة لكل رجل أن يحترم نفسه ويكف عن اللعب بذيله، فالمرأة حين تخطط لأمر فإنها حتما ستبلغه.