يوميات أسبوع 22


الجمعة: من مفاخر الدين الإسلامى أننا ننجو أو نهلك بأعمالنا، لا بميراث النسب ولا بشفاعة الصالحين.
أما ميراث النسب فقد نفاه القرآن نفيا قاطعا حين طلب إبراهيم الخليل أن تكون الإمامة في ذريته: (إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِى)، فقال عز من قائل: (قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِينَ). لذلك- ففى عقيدة الإسلام- لم تضرنا معصية آدم، ولا حملنا وزرها، ببساطة لأننا لم نفعلها، فحسب القاعدة القرآنية المحكمة: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)، وأيضا: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
وأما شفاعة الصالحين فقد رفض الله شفاعة إبراهيم الخليل في قوم لوط. انظر إلى قوله تعالى: (يا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنهمْ آتِيهِم عَذَابٌ غَيْر مَرْدُود). وقد استوعب النبى الدرس القرآنى، فقال: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا)، رواه البخارى ومسلم.
والخلاصة أن مصيرنا الأخروى في أيدينا بالكامل. فلنُرِ اللهَ من أنفسنا خيرا ونجتهد، فلن ينقذنا سوى رحمة الله أولا ثم أعمالنا ثانية.
■ ■ ■
السبت: شاهدت برنامج (فى فلك الممنوع) على قناة «فرانس ٢٤»، وكان عن «النسوية». وحمدت للنسويات اللواتى تم استضافتهن أنهن عبرن بصراحة عن مكنون رأيهن، حيث أجمعن كلهن أن الدين ظالم للمرأة، وطلبت إحداهن حق الممارسة الجنسية بالتراضى. وكانت أشدهن في الصدام بالدين هي النسوية المصرية حيث عرّضت بآية قرآنية كريمة (الرجل المصرى يؤمن أنه «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ»)! وليتها لم تفعل!
أود أن أقول التالى:
أولا: لا توجد عندى مشكلة في إذاعة الآراء المختلفة حتى لو عارضت الدين. فالقرآن عرض كل حجج الكافرين واتهامهم للرسول بالكذب والجنون والتلفيق، ورد عليها. فحرية الرأى والاعتقاد مذكورة في آيات شديدة الوضوح في القرآن، ونحن لن نزايد على خالقنا.
ثانيا: أحب للأمور أن تكون واضحة، ونسمى الأشياء بأسمائها بدلا من اللف والدوران. والمجتمع يجب أن يستوعب أننا مختلفون، وأن مجتمعنا مركب ومتعدد، فلا نحجر على رأى، ولكن نناقش الحجة بالحجة.
ثالثا: أؤكد أن النسويات لسن كلهن بهذا الشطط، وكثير منهن يكافحن أن تحصل المرأة على حقوقها دون اصطدام بالدين.
رابعا: بديهى أيضا أن هذا الموقف المتحرش بالدين هو الذي سيفسر لنا لماذا هن مهمشات على مستوى الجماهير! ولماذا هن في وادٍ والمجتمع الشرقى الذي لن يتنازل عن دينه في وادٍ آخر.
وخامسا وأخيرا: نصيحتى المخلصة أننا نتغير فكريا حسب مراحل عمرنا، فإذا كانت أفكارنا في مرحلة ما مصطدمة بالدين فليتنا نتريث قليلا، فربما تتغير رؤيتنا بعد ذلك في مرحلة أخرى، ونندم بعدها على جرأتنا في حق خالقنا.
■ ■ ■
الأحد: زيادة بدل المهن الطبية- للعلم- ليست أكثر من أربعمائة جنيه بعد الاستقطاعات. هذه الزيادة لم يعد لها وزن في الغلاء الحالي، وبالتأكيد لن تغري طبيبا بالبقاء في مصر! لذلك أدهشني وصف وزيرة الصحة لهذا القرار بأنه (تاريخي)! تعقيب نقابة الأطباء كان -كالعادة به- متزنا. إذ رحبت به باعتباره بداية لحزمة من الإجراءات لإعادة الاعتبار للأطباء ماديا ومعنويا.
إذا كنتم جادين في المحافظة على الثروة القومية من الأطباء الذين تعلموا على حساب الشعب، فهناك الكثير مما لم يزل يجب فعله! أما إذا كان بقاء الأطباء من ذهابهم لا يعنيكم كثيرا فأنتم أحرار، ولكن تحسّبوا ليوم يظهر فيه نقص فادح في عدد الأطباء! هذا اليوم قد يأتي بأسرع مما تتصورون، خصوصا بعد أن ازداد العالم معرفة بقيمتهم.

■ ■ ■

الإثنين: فى البدء أصابتنى صدمة من قرار تقييد الإيداع والسحب. لكن بعد زوال صدمة المفاجأة رأيت فى هذا القرار خيرا حقيقيا. إن كل من اتصل بالعالم الواسع يعلم أن التعامل النقدى فى مصر ليس طبيعيا وليس صحيا. وهو باب خلفى للفساد والمال القذر والمخدرات والدعارة والرشوة والتهرب من الضرائب. بينما فى الخارج يتم البيع والشراء من خلال البنوك.
■ ■ ■
أتمنى أن يكون تقييد الإيداع والصرف خطوة حقيقية نحو الشمول المالى. ومن كسب ماله من مصدر مشروع لا يضيره أن يُقال له من أين لك هذا؟ لا يخاف من الإفصاح إلا المخالفون للقانون أو المتهربون من الضرائب! أتمنى أن تلى هذه الخطوة خطوات أكبر، مثل إجبار الملاك على تسجيل أملاكهم العقارية، حتى تستطيع الجهات الرقابية أن تقول لمن تضخمت ثروته من أين لك هذا؟
■ ■ ■
الثلاثاء: امتلأت صفحات التواصل الاجتماعى بالغضب من تصريحات فنانة كويتية تجاه الوافدين. لم أهتم بمعرفة تفاصيل التصريحات المسيئة لقناعتى الثابتة بأننا يجب ألا ننجر- كشعوب- وراء الإساءات المتبادلة. ومنطقى كالتالى: فى أى شعب يوجد الوقح والمهذب، والطيب والشرير. لذلك فالمنطق يوجب علينا أن نخمد النار ولا نشعلها، فالعنصرية مقيتة، وبالتأكيد شعب الكويت- كشعب مصر- فيه الصالح والطالح والمؤمن والفاجر.
«دعوها فإنها منتنة»، كما وصفها بحق نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، ولنتبع الهدى القرآنى (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). ولنتذكر قوله تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا). كل المحبة لشعب الكويت ولشعب مصر وللإنسانية جمعاء. أكثر الله من الطيبين.
■ ■ ■
الأربعاء: ثارت ضجة بخصوص الحجر الصحى للعائدين من الخارج. عن نفسى تجدنى فى دهشة: لماذا يلزمون العائدين بالحجر الطبى فى فنادق إذا كانوا يسمحون بالحجر المنزلى لأقارب المتوفين بالوباء؟
■ ■ ■
الخميس: أضحكتنى جملة عابرة لروائية إيطالية تحكى عن محنة كورونا فى إيطاليا، حيث قالت فى سياق كلامها: (وستُضرب كثير من النساء فى بيوتهن!). ليه بس يا ستى، هن عملوا إيه؟