يوميات أسبوع 20


الجمعة: إلهنا كريم جدا: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ).
إلهنا عطوف جدا: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ).
إلهنا ودود جدا: (نَبِّئْ عِبَادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
إلهنا رحيم جدا: (كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ).
إلهنا حليم جدا: (إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ). إلهنا شكور جدا (‏مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ).
إلهنا غفور جدا (قُلْ يَا عِبَادِى الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
إلهنا لطيف جدا: (الله لطيف بعباده).
لاحظ أنه- في كل ذلك- يفعل كل ذلك تفضلا منه لا حقا لنا عليه. وهو القادر علينا، القاهر فوق رقابنا.
■ ■ ■
السبت: استمعت إلى حديث مسجل لشادية، ولعفاف راضى أيضا، تعبران عن حب بليغ حمدى المفرط لبلده. لدرجة أنه حين كان يُذكر أمامه اسم (مصر) فإنه يقول في حرقة وحنان (يا حبيبتى يا مصر). والتقطها محمد حمزة، الذي كان جالسا وقتها. فما كان منه إلا أن كتب كلمات الأغنية على المنضدة وهم جالسون. وتلقفها بليغ حمدى، وكالمعتاد تحولت الكلمات إلى لحن شجى من أجمل الأغانى الوطنية المصرية. وقالت عفاف راضى إنها لم تشهد في حياتها رجلا يحب مصر بهذا الشكل، ولذلك فإنه عندما اضطر للهروب بعد قضية (سميرة مليان) المؤسفة المخزية، فقد كانت حياته في عاصمة الأضواء باريس محنة من الحنين وعاصفة الرغبة الجارفة في العودة إلى وطنه.
قصة مؤثرة، أليس كذلك؟ وتدل قطعا على معدنه الطيب الممتاز، فالمرء- بفطرته- متعلق الفؤاد ببلاد نشأته، وكما يقول الشاعر (ما الحب إلا للحبيب الأول).
لكن في المقابل أريدك أن تكون موضوعيا لا عاطفيا فحسب! فالذى أعطته مصر لبليغ حمدى كان كثيرا حقا ويصعب مكافأته! كان في عنفوان شبابه. حياة السهر والأضواء والبذخ والرفاهية. وهو يسكن في أرقى حى بالقاهرة (الزمالك)! ولديه استوديو تخرج الألحان العبقرية من رأسه إلى الإذاعة فورا فتغنيها الملايين. وأينما ذهب تلاحقه الحسناوات، والجميع يخطب ود العبقرى، أمل مصر في التلحين كما وصفه- بحق- عبدالحليم حافظ. وهناك قصة الحب الوليدة بينه وبين الفتاة الجزائرية المتوجة بكل سحر الصحراء والمقاومة. المال ليس مشكلة، وكذلك الحب! فلماذا لا يحب رجل هكذا ظروفه- طالما كان سويا بالطبع- بلاده! الطبيعى أن يحبها ويحن إليها ولا يرتضى بها بديلا! حتى وإن كانت هي باريس، بكل سحرها وتلألئها! ما باريس بجوار قاهرة الستينيات إلا غانية عجوز متصابية، تفتقر إلى رائحة الأزقة القديمة والمساجد الفاطمية وهبة من ألحان الإذاعة المصرية تسكرنا بروائع الغناء!.
 ■ ■ ■

الأحد: أليست حياتنا العادية الماضية تلك، التى كنا نشكو مر الشكوى من رتابتها ومتاعبها، هى نفسها التى نتوق الآن إلى استعادتها بأى ثمن! بل نعتبر عودتها أملًا مرجوًا، وندعو الله من أجل ذلك، بعد أن علمنا كم كانت آمنة، رغم أنها مُمِلّة ومتعبة!.
■ ■ ■
الاثنين: بعض الناس لديهم شهوة الانتقاد. تجد الواحد منهم يتأمل ما تفعله توطئة لكى ينتقدك، رغم أنه لا يضيره فى شىء! ومهما أبديتَ له ضيقك من انتقاده، فإنه لا يستطيع إمساك لسانه ومقاومة شهوة الانتقاد، زاعمًا أنه يفعل ذلك لمصلحتك، مع أنك لم تطلب رأيه! هؤلاء- فى رأيى- مساكين بطباعهم السيئة، ولكنهم متعبون حقًا. لذلك لا تجعل لهم مكانًا فى حياتك. شلوت كبير يُخلصك منهم للأبد.
■ ■ ■
الثلاثاء: ليس الرؤساء ولا الأقوياء ولا الأغنياء هم أقوى رجال العالم، بل الشخص مستجاب الدعوة. هذا الإنسان الذى لو أقسم على الله لأَبَرّه! مَن يدلنى على إنسان واحد مُستجاب الدعوة، ليدعو لى، عسى أن يرِقَّ الله لحالى ويعطف علىَّ.
■ ■ ■
الأربعاء: قرأت إحدى قصص هتشكوك القديمة. الفكرة مُميَّزة حقًا. إنها عن بيت مهجور متداعٍ عرضته الأم للبيع بثمن مُبالَغ فيه، يبلغ عشرة أضعاف سعره الحقيقى. وعبثًا ما حاول السمسار المسؤول إثناءها عن هذا السعر غير المنطقى، لكنها رفضت. وأخيرًا ظهر مشترٍ يقبل دفع هذا الثمن المُبالَغ فيه. وبينما الزبون يحتسى المشروب الذى أعدته الأم روَت له الحكاية. ابنها، الذى قتله مجهول، بعد أن أخفى فى هذا المنزل مجوهرات سرقاها معًا. أدركت الأم أن القاتل سيعود، وسيعرض لشراء المنزل ثمنًا غير منطقى لمجرد الحصول على المجوهرات. لذلك عندما وافق على السعر الباهظ عرفت أنه هو قاتل ابنها، فدَسَّت له السم فى المشروب الذى أعدته، وراحت ترقبه فى تشفٍّ وهو يكابد سكرات الموت.
والمغزى أن الفكرة المميزة هى التى تجعل القصة جيدة! وكل مهارات الكتابة لا يمكن أن تعوض الفكرة الرديئة مهما بلغت مهارة كاتبها.
■ ■ ■
الخميس: تشاءمت من قرار البنك الأهلى وبنك مصر الدخول فى البورصة بثلاثة مليارات جنيه، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع البورصة المصرية بشكل حاد ومفاجئ وغير منطقى! مبعث قلقى أن هذه هى أموال المُودِعين، فليتهم لا يضاربون بها فى البورصة. والسبب الثانى أن بورصات العالم كلها تنخفض، وليست البورصة المصرية فحسب. والسبب الثالث والأهم أن الحقائق ستفرض نفسها فى النهاية، والكورونا أقوى من كل المُسكِّنات، وستنفد النقود المرصودة للبورصة، وستنخفض الأسهم بعدها لأنها طبيعة الأشياء. ولن يكسب البنكان سوى أنهما أتاحا للمستثمرين الخروج من البورصة بمكاسب جيدة، بدلًا من خسارة مُحقَّقة، أما أصحاب النقود من المُودِعين فلهم الله.
أتمنى أن أكون مُخطئًا، ولا يكون ذلك قرارًا سياسيًا انصاعت له البنوك رغم إدراكها عدم جدواه.