لمن يبتسم الأطفال

(ملحوظة :كل الحوار الذي يدور في هذه القصة ليس بلغه البشر المألوفة وإنما بنوع خاص جدا من تبادل الأفكار) 
وضعت الأم طفلها على السرير، أحكمت الغطاء حوله، قبلته برفق ثم أغمضت عينيها وما لبث تنفسها أن انتظم. علي أن طفلها لم يكن قد نام بعد، فتح عينيه ودار برأسه وكأنه ينتظر شيئا ما. 
وما مر القليل إلا وملأت الأطياف الغرفة فابتسم لها مرحبا. قال احد الأطياف في حنان:
- يا صغيري. هذه الليلة ليست كسائر الليالي. إنها ليله الوداع.
قال الصغير:- لست افهم. أي وداع؟
- سوف نكف عن المجيء إليك بعد هذه الليلة
تكدر وجه الصغير وتساءل - ولم؟
- لقد أوشكت أن تتعلم لغة البشر وسوف تبدأ النطق عما قليل. ستبدأ بنطق أحب الأسماء إليك (ماما) ثم الطعام الذي سترمز له ب( المم)، وهكذا حتى تتعلم باقي الأسماء.
- ولماذا يمنعكم تعلمي الأسماء من زيارتي؟
- نحن نزور الصغار الذين لا يستطيعون إفشاء سر وجودنا للكبار
- عجبا ألا يعرف الكبار بوجودكم؟
- إنهم لا يعرفون
-ولماذا لا يستطيعون رؤيتكم مثلما أراكم الآن؟
- لأن نفوسهم تعكّرت وفطرتهم فسدت إلي الحد الذي يحجبهم عن رؤيتنا.
- ولكني لا استطيع الحياة دونكم.
-لا تحزن. سوف تلعب كثيرا مع الأطفال الآخرين
- هل توجد وسيلة تجعلني أراكم بعد ذلك؟
- حينما تكبر وتتعلم الصواب والخطأ. إذا استطعت أن تسمو بروحك وتكون شفافا وتتقرب إلى الله بالإحسان في خلقه، ستكون وقتها خيرا منا وربما جئنا نحن كي نراك.
- هذا سهل جدا
- تقول هذا لأنك لم تعرف عنف الغرائز البشرية وكدر الطين
- سأفعل كل ما في وسعي من أجل أن أراكم
-الجميع قال هذا من قبل!
-ماذا تقصدون؟
- كل الناس رأونا قبل أن يتعلموا الكلام وكلهم أحزنهم الفراق مثلما أحزنك، وأبدوا نفس تصميمك لكنهم لم يفلحوا
- لكني سأفلح وسترون
- ونحن نتمنى لك النجاح. والآن دعنا نحتفل بهذه الليلة. فإنها ليلة الوداع
- ( قال الطفل في إصرار) بل إلى لقاء
…………..
بعد ثلاثين عاما من هذا الحوار صار هذا الطفل أبا لوليد صغير يبتسم أحيانا في غموض..قال لزوجته متأملا
- ألاحظ أحيانا أنه يبتسم لشيء لا أراه. أتمنى أن أعرف لمن يبتسم؟