مولد عماد حمدي

5 نوفمبر 1909 – مولد عماد حمدي.
في مثل هذا اليوم من عام 1909، وتحت شمس سوهاج الساطعة، ولد عماد حمدي الممثل المصري الشهير الذي حاز طويلا لقب "فتى الشاشة الأول". هذا اللقب الذي لم يقنعني خصوصا إذا عرفت أنه حازه في خمسينيات القرن الماضي حينما كان رجلا ناضجا في نهاية الأربعينيات. ولم يكن سهلا – مهما جعلوه يرتدي البنطلون القصير- إقناعنا أنه مراهق طائش أو شاب غر يقع في الغرام لأول مرة كما حاولوا أن يصوروه في بدايات أفلامه. أقنعني عماد حمدي الرجل الناضج بطل ( بين الأطلال، ولا أنام) حيث كان أداؤه مناسبا لعمره ولتكوينه الرجولي وقسمات وجهه المصرية الصميمة. فيها الهدوء والحكمة والاتزان، وكلها صفات ليس من النادر أن تفتن المراهقات.
أما أجمل أفلامه من وجهة نظري فهو فيلم (أم العروسة)، ذلك الجو المصري الحميم الذي غزله ببراعة المؤلف (عبد الحميد جودة السحار)، التفاصيل الدقيقة لحياة الطبقة الوسطى في حقبة الستينيات، وذلك الأب التقليدي ( عماد حمدي) الذي يحمل فضائل الأسرة المصرية كلها. قانع بالكفاف، يعمل في وظيفته بإخلاص يندر أن نراه هذه الأيام، ولا يطبق مقولة "على أد فلوسهم". اهتمامه منحصر في أسرته، ستر بناته له المرتبة الأولى مهما ركبه الهم.  
حقا من منا لم يتذكر والده في ملامح عماد حمدي المهموم بطعام أطفاله وسط غلاء كان يبدو وقتها مرعبا والآن مضحكا!! وشكوى الزوج المزمن من إسراف الزوجة التي تدعوه لمسك المصروف مكانها ليدرك بنفسه بطولاتها المنسية. وهكذا تتأرجح سفينة الأسرة بين أمواج عاتية لكن ربانها يمسك بالدفة في مهارة حتى يصل بها إلى شط الأمان.
يرسم لنا الفيلم عماد حمدي يدبر كل قرش من أجل تجهيز ابنته المقبلة على الزواج على نحو لائق مشرف يحفظ لها كرامتها وسط نساء عائلة زوجها المنقبات عن عيب ما. وقتها كانت فضائل الأسرة المصرية بخير ومنظومة قيمها بعافية. الحياة تسير بالضروريات دون مبالغة أو تطلع إلى الكماليات، الفرح يقام في بيت العروسة وغالبا ما تكون الشقة المجاورة في استقبال الضيوف في أريحية نادرة.. منظومة قيم الطبقة الوسطى التي تتشارك في الأفراح والأتراح. وكان هناك الشربات وقطع الجاتوة وزينات معلقة، وبهجة تكوين أسرة ولقاء أحباب.
لا أعرف الحال عندكم ولكني بصراحة حين يُذكر عماد حمدي لا يتبادر إلى ذهني سوى هذا الفيلم الجميل الذي يُذكرني بوجه والدي المتعب الحزين فأمسح دمعة وأقرأ له الفاتحة.