بداية الثورة البلشفية

6 نوفمبر 1917 بداية الثورة البلشفية.

الثورة (البلشفية) تُوصف بأنها المرحلة الثانية من الثورة الروسية. البداية كانت مع تردي الأحوال الاقتصادية في مطلع القرن العشرين، حينما أطلق جنود القيصر الرصاص ضد مظاهرة سلمية أرادت أن تسمعه صوتها اندلعت الثورة عام 1905. في أغسطس 1914 أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا، وبحلول العام 1917 كانت روسيا على حافة المجاعة، وحتى الخبز لم يكن متوافرا، وبدأت المظاهرات العارمة، ورفض الجنود تنفيذ أوامر قياداتهم بإطلاق النار، ما اضطر القيصر إلى التنازل عن العرش.حتى هذه اللحظة كان هناك تيّاران، أكثرية (بلاشفة باللغة الروسية) تؤمن بالعمل الثوري، وأقلية تطرح خيار التغيير السلمي. في مثل هذا اليوم من عام 1917 فرض البلاشفة( الأكثرية) إرادتهم وأعدموا القيصر وجميع الأسرة الملكية بالرصاص، واستولوا على الحكم بقيادة (لينين وتروتسكي) لتبدأ الثورة الشيوعية بتأثير من أفكار ماركس.
اعتبر (ماركس) أن أي بضاعة تتضمن قيمة العمل الإنساني المبذول فيها، لكن الرأسمالي لا يشتريها بالثمن الذي يُكافئ الجهد المبذول وإنما بما يكفي العامل للعيش، ومن فارق الاثنين تتضاعف الرأسمالية. بحتمية التاريخ سيتجه العالم نحو الميكنة، ولأن كُلفتها باهظة سيتم القضاء على المُلّاك الصغار، وستتركز في حفنة قليلة العدد من أقوى الرأسماليين. ولأن الميكنة أرخص وأكفأ من العمالة (البروليتاريا)، ستحدث بطالة، حينما تتفاهم إلى الحد الذي لا يمكن احتماله ستحدث ثورة الجماهير. والحل- كما يطرحه ماركس - هو نزع الملكية الفردية والاستعاضة عنها باستخدام جماعي لوسائل الإنتاج وتوزيع عادل لكل المنتوج.
أفكار- كما ترون- لا تخلو من الحكمة وتجمع بين الخطأ والصواب. بدايتها بديهة إنسانية ترفض التفاوت الشنيع بين من يملكون كل شيء ومن لا يملكون أي شيء، بين من أضجره الترف، ومن لا يجد ثمن الرغيف. لكنها أصيبت في مقتل عندما عادت الدين بلا مبرر رغم التقائهما في العناية بالفقراء، وحينما تحولت من منتج بشري يُمكن تعديله إلى عقيدة يتعصب أتباعها كغلاة المتدينين.
الثورة البلشفية: خليط الحلم والرومانسية، والسلاح والثورة، والخبز والفن، والفكر والسياسة، والأمنيات المستحيلة، والرغبة في تغيير العالم. الخلطة المستحيلة التي ضاق بها الجميع وأولهم أبناؤها، وبقدر الأحلام الكبيرة كان السقوط الكبير: الإتحاد السوفيتي مات بالسكتة القلبية، وتحول أبناؤه إلى أيتام على موائد اللئام. وهؤلاء الذين أنفقوا العمر في التبشير بالفكرة واحتملوا التشريد من أجلها وجدوا أنفسهم معلقين في الهواء بلا أرض تحتهم ولا سماء تُظلّهم. ضاع منهم حلم الأرض بعد أن نبذوا بإرادتهم ملكوت السماء.