مولد مارتن لوثر

10 نوفمبر 1483 مولد مارتن لوثر.
هل تريدني أن أُحكي لك عن (مارتن لوثر) الشخص أم مارتن لوثر الفكرة؟. إذا كنت تريد الشخص فهو مصلح ديني مسيحي شهير، ومُلهم البروتستانتية. ولد  في مثل هذا اليوم من  شهر نوفمبر عام 1483 في ألمانيا، في أسرة فقيرة مكافحة من عمال المناجم .التحق بالدير بعد حصوله على الإجازة الجامعية، ورُسّم  قسا، ثم سافر إلى روما  سنة 1511،  فتغير مجرى حياته حين شاهد مهزلة صكوك الغفران. كان بابا روما بحاجة إلى المال، فلم يجد سبيلاً للحصول عليه إلا عن طريق بيع هذه الصكوك يشتريها الناس ليغفر الله ذنوب أقربائهم. كان الترويج لهذه الصكوك فجا لدرجة أثارت روح المقاتل الصلد في مارثن لوثر الذي هاله أن يُهان دينه (الذي وهب له حياته) بهذه الطريقة، ومنذ لحظتها بدأت المواجهات بينه وبين بابا روما . وفي مثل هذه المجتمعات الدينية المتعصبة كان طبيعيا أن تقترن هذه المواجهات باضطرابات عنيفة تُخل بالأمن والاستقرار. ورويدا بدأت ملامح الإصلاح الديني في فكر لوثر تتضح: مهاجمة البابوية ذاتها كنظام، حرق صكوك الغفران وبالتالي منع تكسّب الكنيسة من الشعب، إلغاء غفران القسيس لذنوب الميت حيث لا يغفر الذنوب إلا الله، تشجيع زواج الكهنة والقسس( قام بنفسه بالزواج من إحدى الراهبات). وهكذا كانت مبادئ البروتستانت (ومعناها في اللغة المحتجون) هي الإيمان بالكتاب المقدس فقط  كمصدر للمسيحية، وإجازة فهمه وقراءته دون اعتماد على فهم البابا، وعدم الاعتراف بسلطة البابا وحق الغفران وبعض طقوس الكنيسة الكاثوليكية كالمناولة، وقصر الصلاة على اللغة التي يفهمها المصلون.
أما إذا أردتني أن أحدثك عن (مارتن لوثر) الفكرة، فهو كل إنسان يخرج من صميم المؤسسة الدينية، أيا كانت، مؤمنا بالله والدين والإنسانية، ثم يرفض استغلال ( الوسيط غير المؤتمن) لأرقى وأجمل وأنبل ما في الحياة: الدين الذي هو علاقة الإنسان بربه، وتجلي رغبته الفطرية في عبادته ورضاه.
وبرغم أنه لا توجد في الدين الإسلامي كهانة فإنه يمكن للوسيط غير المؤتمن أن يعيد ترتيب النصوص المقدسة بطريقة كارثية، متسببا في إعاقة روح التقدم، أو نشر الخرافة، أو نشر العنف والكراهية باسم الدين، والدين منه براء.

سنكون حمقى لو لم نعترف أننا بحاجة أيضا إلى المُصلح الذي ينطلق من مبادئ الإسلام، بعد التفقّه في العلم الشرعي،  ثم يملك جسارة أن يقول: لا ، هذه ليست مقاصد الدين التي من أجلها اتصلت السماء بالأرض، ونزل وحي رب العالمين.