9 نوفمبر 1918 قيصر ألمانيا يتنازل عن الحكم بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.
أليس مدهشا أن أوربا المتحضرة التي نعرفها اليوم كانت منغمسة في حرب ضروس منذ أقل من مائة عام!. كانوا يقطعون رقاب بعضهم البعض بلا رحمة في أقذر حرب عرفها التاريخ. الحرب التي استخدمت فيها الدبابة لأول مرة، والأسلحة الكيماوية، وقصف المدنيين من الجو، واسُتخدمت المدن المفتوحة ميادين للقتال. وأوربا التي شهدت أكثر من ثمانية ملايين قتيل هي نفس أوربا التي أتحدت دولها اليوم، فهل تنتقل الشعوب من التحارب إلى المسالمة بهذه السرعة المذهلة؟، أم أن ما نشهده اليوم هو سلام هش يمكن أن ينقلب حربا من جديد؟.
كان هناك معسكران أوربيان: روسيا وفرنسا وانجلترا من جهة، إمبراطورية (النمسا والمجر) ، وألمانيا وإيطاليا من جهة أخرى. حينما اغتيل وريث العرش النمساوي أثناء زيارته لسراييفو على يد طالب صربي قامت النمسا بغزو صربيا. روسيا (حليفة الصرب) قامت بتعبئة قواتها ، وكذلك فرنسا ، فأعلنت ألمانيا الحرب عليهما، واجتاحت بلجيكا فأعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا. إيطاليا انضمت للحلفاء، والدولة العثمانية انضمت لألمانيا وقصفت أسطول روسيا . مشهد يؤكد أنه كان توازنا هشا لا يصمد أمام أي اختبار.
وسبب هشاشته هو التنافس علينا. كانوا يتصارعون على غنيمة هي (نحن) بسبب الثورة الصناعية التي جعلت من الحصول على المواد الأوليّة اللازمة للصناعة ثم تصريف البضائع الناتجة مسألة لا حل لها إلا عن طريق امتلاك المستعمرات ( نحن)،ولما كان المتصارعون على الغنيمة كثيرين فقد كان لا بد من القتال بينهم كما يتشاجر الذكور في عالم الطبيعة على إناث القطيع!.
والبريطانيون لم يكتفوا باحتلال العرب وإنما تلاعبوا بهم وأغروهم بالانقضاض على الدولة العثمانية فيما يسمى بالثورة العربية الكبرى، ثم تنكروا لوعودهم للعرب وزادوا بالوفاء لوعودهم لزعماء الصهاينة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين من خلال ما عُرف بوعد بلفور.
تواصلت الحرب لمدة أربع سنوات متواصلة( 1914-1918م) ، دون أن تسفر عن نتائج حاسمة، ثم مال الميزان لصالح دول الحلفاء في السنة الأخيرة. ثم بدأت انتفاضة في ألمانيا قادها الشيوعيون واليساريون. وتمّ تشكيل حكومة اشتراكية أعلنت تحويل البلاد إلى جمهورية في 9 نوفمبر 1918
سقطت السلالات الحاكمة لأوروبا التي يعود منشأها إلى الحملات الصليبية، تم تغيير الخارطة السياسية بالكامل، اختفت إمبراطوريات الألمانية والنمساوية ـ الهنغارية، والروسية، والعثمانية.، وظهرت الشيوعية، وانتهت الحرب بتوازن هش أدى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية من جديد.