هرنان كورتيس يدخل مدينة الآزتك

8 نوفمبر 1519 هرنان كورتيس يدخل مدينة الآزتك.
تتبع الحياة البشرية نفس قوانين الطبيعة من حيث اهتمامها بالنوع ولا مبالاتها بالفرد. البشرية تتقدم في مجملها، ولكن ماذا عن ضحاياها من الأفراد!. ها هي أوربا تخرج بصعوبة من ظلمات القرون الوسطى، إرهاصات عصر النهضة، نزوج العلماء إلى إيطاليا، انتعاش التجارة، نظرية كروية الأرض ومحاولة العثور على طرق جديدة للهند، البرتغال تكتشف رأس الرجاء الصالح، أسبانيا تتجه غربا إلى الهند فتعثر مصادفة على أمريكا، تبدأ موجات الهجرة الأوربية للعالم الجديد. عسكريون، أفّاقون، باحثون عن فرص. (هرنان كورتيس) كان أحد الأسبان الذين جاءوا يجربون حظهم في الأرض الجديدة، اشتغل في زراعة القطن ثم انضم إلى الحملة العسكرية التي احتلت كوبا، ثم قاد حملة عسكرية  لحصار عاصمة الأزتك.
الأزتك، الأرض البيضاء، الحضارة التي حكمت المكسيك من 1428 حتى حوالي 1521، وبلغت حدا عاليا من النظام والترتيب والذوق السليم: المعابد والقصور والأسواق والطرقات. المصنوعات المتسمة بالذوق والمهارة.وفنون العمارة والنحت والتصوير، والرسوم الجدارية والكتابة التصويرية، والزخرفة والفسيفساء والنقوش المزينة بالأحجار الكريمة، وأهرامات هي آية فنية ومعمارية، وتقنيات متقدمة من زراعة الحدائق العائمة تمدّهم بحاجتهم من الخضار والفاكهة.  
والذي لم يكن (كورتيس) يعلمه أن هناك نبوءة ينتظرها شعب الأزتيك، مفادها أن الآلهة طردت إله الشمس إلى الشرق، وهم ينتظرون عودته على طوف ومعه الرعد والبرق والكائنات الغريبة!. حينما غزاهم كورتيس اسقطوا عليه تفاصيل الأسطورة: (الطوف) هو السفينة، والرعد المدفع، والبرق البارود، والكائنات الغريبة هي الخيول التي لم يشاهدوها من قبل، لذلك لم يكن غريبًا أن تنهزم إمبراطورية أمام خمسمائة من المغامرين.
والذي حدث بعدها لسكان الأزتك كان مروعا. من سوء الحظ أن اكتشاف كولمبوس للعالم الجديد كان في نفس عام سقوط الأندلس ( 1492) ، بكل ما شاب هذه الحقبة من قسوة لم يكن مستغربا أن يُكملوا مسلسلها في العالم الجديد.
على أنه من الخطأ اعتبار سكان الأزتك قوما مسالمين لمجرد أن الأسبان نكّلوا بهم، فقد كانوا شديدي القسوة والوحشية، ويقدمون الأضاحي البشرية من أسري الحرب، يصعد الأسير لقمة الهرم فيمدده الكاهن وينزع قلبه فيرفعه عاليا للإله الذي يجري تكريمه، ثم يشويه وهو ينبض في النيران المقدسة في عام 1487م وحدها قتل كهنة الأزتك 80 ألف أسير.
الدنيا غابة خضراء يسودها السلام إذا نظرت إليها من أعلى، لكنك حين تهبط من عليائك فسوف تذهلك التفاصيل.