مولد ماري كوري

7 نوفمبر 1867 – مولد ماري كوري الحاصلة على جائزة نوبل مرتين.
تعالوا نعيد للعلم اعتباره في مجتمع لا يقيم شأنا إلا للاعبي الكرة والراقصات. العلم هو الفارق بين الأسطورة والحقيقة. بين الكون كما نتمناه والكون الموجود فعلا. العلم هو أقرب وسيلة الاتصال بلحظة الخلق الأولى، بالقوانين التي أودعها الله في مخلوقاته. العلم ديمومة سجود. الله يُعبد في المعمل مثلما يُعبد في المسجد. قال تعالى"إنما يخشى الله من عباده العلماء".
في العلم نشوة الفن، وروعة القصيدة، وشجن الموسيقى، وحيوية المسرح. العلم يُطلب لذاته، ويطلب ذاتك كلها. العلم لا يقبل المشاركة، حتى وأنت في طابور الخبز يجب أن تفكر فيه.
والعلم أيضا هو الساحر الذي خلب لب هذه الطفلة العبقرية التي ولدت في بولندا في مثل هذا اليوم من عام 1867. لم تكن تُدعى وقتها ( ماري كوري) وإنما (ماريا بولونوفسكي).
واحدة من ذلك الفصيل الممتاز الذي لا تعرف له اصلا ولا فصلا، ولا زمانا ولا مكانا، ولا بيئة ولا جينات: فصيلة العباقرة. تجدهم في الحقول والقصور، في ريف مصر وناطحات مانهاتن، في جبال اليمن ومراكز طوكيو، في مجاعات الصومال ومرتفعات ويذرنج. تعرفهم ببريق عيونهم، بوهج أرواحهم، بألق ذكائهم. هؤلاء الذين يصنعون التاريخ باستمرار ويغيرون مجرى البشرية. كانت هذه الطفلة البولندية واسعة العينين واحدة من هذا الفصيل، الأولى على صفها دائما باستمرار، مغرمة بخلط السوائل الكيمائية ومعرفة صيرورتها، تواقة للمعرفة. نهمة في القراءة، يسيطر عليها حلم واحد: أن تعرف وتعرف وتعرف.
فقيرة جدا، ولكن متى كان الفقر حائلا للوصول، تمتهن غسيل الزجاجات لتكمل دراستها، قليلة الاهتمام بما لا يعنيها، شعارها: كن أقل فضولا بالناس وأكثر فضولا بالأفكار. ذهبت إلى باريس لإكمال دراستها، وهناك التقت بالعالم الفيزيائي (بيير كوري) فتزوجته، وأصبح اسمها (ماري كوري). ومنذ ذلك الحين سارا معا في طريق له أول وليس له آخر. طريق المعرفة.
(ماري كوري) أول  امرأة في فرنسا تكمل رسالة الدكتوراه وأول مخترعة تحصل على جائزة نوبل مرتين، الباحثة التي اكتشفت مادة الراديوم المشعة وأنشأت معهد الراديوم، ومعملا لأبحاث مرض السرطان. هادئة وكريمة ومتواضعة ، خلّدت وطنها بولندا حينما أطلقت اسمه على العنصر المشع الذي اكتشفته ( البلونيوم).
في عام 1934 توفيت بسبب تعرضها لجرعات هائلة من إشعاعات الراديوم دون إجراءات وقاية، سقطت ولم يسقط المشعل، سلمته لابنتها (آيرين كوري) التي حصلت هي الأخرى مع زوجها على جائزة نوبل في الكيمياء ليعيدا سيرة والداها.