وعد بلفور

2 نوفمبر 1917 وعد بلفور.
وعد بلفور الذي صدر في مثل هذا اليوم من عام 1917 منعطف خطير لكنه ليس أصل المسألة. الحكاية بدأت بملاحظة ذكية أن مصر تتجه إلى سوريا في عصور النهضة وتعرض عنها في عصور الانحطاط. وكلما التقيا نهض العالم العربي من جديد. قصة مكررة في عصور الفراعنة والحروب الصليبية ومحمد علي وعبد الناصر. (نابليون) قارئ التاريخ النهم  أدرك بحسه الاستراتيجي أن إقامة دولة يهودية في قلب فلسطين يصطاد ثلاثة عصافير بطلقة واحدة: الخلاص من يهود أوروبا، إزعاج الخلافة العثمانية، قطع الجسر البري بين مصر وسوريا عن طريق إقامة وطن عازل. من ثم كان نداؤه الشهير إلى يهود العالم للعودة إلى أورشليم، برغم أن عددهم في فلسطين لم يبلغ الألفين.
وتمر مياه كثيرة تحت الجسور، يتدفق التاريخ، وتُحبط بريطانيا طموح نابليون، ثم تُجهز عليه في معركة واترلو، وتلتقط بريطانيا الفكرة، يتبناها اللورد (بالمرستون) صديق ( روتشيلد) المقرب تحت دعاوي توراتية، ومصالح اقتصادية، وذرائع سياسية أهمها إخراج محمد علي من سوريا وإقامة جسر عازل يمنع اتصالهما من جديد.
وتبدأ محاولات إغواء السلطان العثماني عام 1840 لفتح أبواب فلسطين أمام اليهود ، وإغرائه بمال اليهود ونفوذهم السياسي، واللعب على مخاوفه من طموحات محمد علي بزعم أن توطين اليهود في فلسطين بمثابة شوكة في خصره!!.
ومرت مياه أخرى تحت الجسور، تلاقت مطامع ومصالح وسفن. عادت ورقة نابليون اليهودية تطرح نفسها من جديد، يمسكها هذه المرة (دزرائيلي) رئيس وزراء إنجلترا اليهودي الذي أجرى مع روتشليد صفقة لشراء نصيب الخديوي إسماعيل من أسهم قناة السويس في مقابل إقامة أول مستعمرة لليهود في فلسطين.
في سنة الاحتلال البريطاني لمصر ارتفع عدد يهود فلسطين من ثمانية آلاف إلى أربعة وعشرين. في خلال عشر سنوات تكاثرت المستعمرات كوباء سرطاني، ثم ظهر (هرتزل) مهندس الحركة الصهيونية الذي استوعب الظروف الإستراتيجية وقبض بسرعة على اللحظة. وكانت محاور خطته أن يحاول شراء فلسطين من السلطان العثماني مقابل عشرين مليون جنيه إسترليني، فإن لم يقبل فهناك بريطانيا صاحبة القوة الفعلية.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تنكرت بريطانيا لكل وعودها للعرب الذين ساعدوها ضد تركيا (!!)، وصدر وعد بلفور الذي تسارعت الأمور بعده وظهرت إلى العلانية. أعجوبة تمرير قيام دولة من كتب التاريخ والأساطير القديمة، ثم يتقبلها العالم كحقيقة واقعة ويدافع عن مشروعيتها. أتساءل لو طالب العرب اليوم بحقوق تاريخية في الأندلس، ألن ينظروا إلينا كمجانين!
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تنكرت بريطانيا لكل وعودها للعرب الذين ساعدوها ضد تركيا (!!)، وصدر وعد بلفور الذي تسارعت الأمور بعده وظهرت إلى العلانية. أعجوبة تمرير قيام دولة من كتب التاريخ والأساطير القديمة، ثم يتقبلها العالم كحقيقة واقعة ويدافع عن مشروعيتها. أتساءل لو طالب العرب اليوم بحقوق تاريخية في الأندلس، ألن ينظروا إلينا كمجانين!