الاتحاد السوفيتي وصواريخ كوبا النووية

28 أكتوبر 1962 - الاتحاد السوفيتي يفك الصواريخ النووية المنصوبة في كوبا.
هل تحب أجواء الستينيات؟: العالم الآخذ في التشكل. قوى صاعدة وأخرى هابطة، وعالم من الأفكار تختبئ خلفها مطامع إمبراطورية. العالم الغربي- بقيادة العم سام- يرفع شعارات الديمقراطية والحرية وإطلاق القوى الكامنة في الإنسان، والدب السوفيتي يعدنا بجنة البروليتاريا. وما بين هذا وذاك حركات تحررية وأحلام ثورية وزعامات تاريخية مثل ناصر وجيفارا ونهرو.
هل تحب جو الجزر الكاريبية؟، أشجار الموز والتبغ والمانجو، والرقص تحت المطر وخلطة الدماء الهندية الأسبانية. كوبا المثقفين والفنانين، كاسترو وجيفارا ومغامرات الثورة الكوبية.
هل تحب جو الحرب الباردة والعمليات المخابراتية؟. أمريكا- الحانقة على كاسترو- تقوم بعملية إنزال فاشلة للمعارضين الكوبيين على الشواطئ الكوبية. كاسترو يرد بإعلان كوبا دولة اشتراكية. أمريكا تعلن الحظر الاقتصادي وتلمّح بهجوم عسكري. الكونغرس يجيز استخدام القوة. كاسترو يرتمي في أحضان الدب السوفيتي. أمريكا تنشر صواريخ باليستية في تركيا تطال موسكو، السوفيت ينصبون خلسة في كوبا صواريخ نووية يغطي مداها جميع المدن الأمريكية. أمريكا ترتاب، موسكو تنفي. طائرات التجسس الأمريكية تلتقط وجود القواعد. أمريكا يجنّ جنونها و يطلق كنيدي إنذاره الشهير مهددا بالانتقام من الاتحاد السوفيتي نفسه. السوفيت يراوغون من أجل حلاوة الروح، وأمريكا تؤكد استحالة سماحها بصواريخ نووية على مسافة تسعين ميلا من شواطئها.
العالم يحبس أنفاسه، الكثير من الشد والجذب وأحداث الأكشن، مفاوضات تجري في آخر لحظة ورجال شديدو المراس ومكالمات هاتفية. الحكمة تتغلب في نهاية الأمر وتجري الصفقة مثل أي شيء آخر في حياتنا العادية. السوفيت يعلمون أن أمريكا تملك من القنابل والرؤوس الحربية أكثر مما يملكونه، وأمريكا تملك من الحكمة ما يجعلها تُقدر أنه لا قيمة لأن تُفني الأرض مرتين إذا كان خصمك قادرا على إفنائها مرة!!. والكياسة تقتضي أن تترك لخصمك فرصة للتراجع ولا تمرّغ بكرامته الأرض، وتعينه على الانسحاب المشرف.
في النهاية تتم الصفقة بموافقة السوفيت على إزالة صواريخ كوبا، وتعهد كاسترو بعدم دخول مثل هذه الأسلحة في المستقبل، مقابل إعلان أمريكي بعدم غزو كوبا، ونزع صواريخهم من تركيا.
انتهت القصة بشكل يرضي جميع الأطراف: العم سام كان راضيا لأنه أزاح الخطر الماثل وفرض إرادته. الدب السوفيتي كان راضيا لأنه تخلص من الصواريخ التركية وأزعج أمريكا. كاسترو كان أكثرهم رضا لأن تعهد أمريكا بعدم غزو كوبا يشدد قبضته داخليا.
باختصار كان الجميع سعداء.