27 أكتوبر عام 1728 – مولد جيمس كوك بحار ومكتشف إنجليزي.
مقال اليوم ذو شجون. جيمس كوك المكتشف البحري الشهير المولود في مثل هذا اليوم من عام 1728، الفتى الذي قاده طموحه من بيع الملابس الداخلية في قرية بريطانية صغيرة لأن يصبح واحدا من أهم المستكشفين. قاد ثلاث رحلات بحرية إلى المحيط الهادئ، وأبحر حول العالم مرتين. وأدت رحلاته إلى إقامة المستعمرات.
بريطاني؟ نعم. استعماري؟ فليكن، المهم ماذا قدّم للإنسانية وماذا قدمناه نحن؟. البداية كانت هناك: مناخ عصر الاكتشافات الكبرى التي تُلهم الطموح، مات ماجلان فأعقبه كوك، شعلة الحضارة التي يسلمها عالم إلى عالم، ومكتشف إلى مكتشف. لذة صناعة التاريخ التي لا يعرفها الخاملون. أين كانوا وأين كنا في هذا الوقت؟، حينما كان ماجلان يثبت – بالتجربة العملية - كروية الأرض، ويكتشف الممر إلى المحيط الهادي كنا تحت نير المحتسب والولاة الصغار. حينما كان كوك يرسم خرائط نيوزلندة ويكتشف ساحل أستراليا الشرقي كنا غائبين عن الوعي تحت حكم مولانا السلطان. (ليفنجستون )كان يكتشف منابع النيل، ونحن نجوع في التحريق ونغرق في الفيضان. هذا ليس جلدا للذات وإنما محاولة للفهم. الحضارة عمل تراكمي، والسطر الذي تقرؤه في كتاب علوم أنفق فيه علماء حياتهم كاملة. الخط الواحد في خريطة دفعوا ثمنه حياة رجال. الحضارة سفر ورغبة في الاكتشاف. الحضارة أصلها قلق وطرح أسئلة وحركة حياة. في عصور ازدهارنا كنا نجوب العالم ونعلّم الناس الحضارة ونفتح البلاد. في اللحظة التي كففنا فيه عن القلق وطرح الأسئلة كففنا عن الحياة.
وكوك الذي لم يجد في بيع الملابس الداخلية ما يشبع شوقه للمغامرة التحق بالبحرية، وأظهـر مهارة كبـيرة في رسم الخرائط فلفت انتباه قيادات كانت مستعدة لالتقاط الكفاءات. الفرصة التي ينتظرها كل موهوب واتته حين أرسلوه للبحار الجنوبية لمراقبة كوكب الزهرة تحت رعاية الملك. ومن تاهيتي -حيث شُوهدت الزهرة –إلى البحار الجنوبية باحثا عن قارة مجهولة. بعدها دار حول سواحل نيوزيلندة واثبت أنها جزر منفصلة وليست جزءا من قارة جنوبية كما كانوا يظنون، ثم جرفته عاصفة هوجاء إلى الساحل الشرقي لاستراليا التي لم تكن معروفة، ثم أبحر حول أفريقيا عائدا لانجلترا.
رحلة طويلة في سفينة صغيرة، في بحار بلا خرائط. لكنه تعب يهون في سبيل الغاية المنشودة: صناعة التاريخ.
أزرق..أزرق.. لون السماء أزرق، لون البحر أرزق، عيون حبيبتي زرقاء. أزرق.. أزرق.. حبر الدواة أزرق، ريش الطاووس أزرق، زهرة التوليب زرقاء.
وكان كوك واقعا في غرام الأزرق..
