اندلاع ثورة القاهرة الأولى

20 أكتوبر 1798 – اندلاع ثورة القاهرة الأولى ضد الحملة الفرنسية على مصر.
■ ■ ■
اليوم انفجر الغضب وثارت القاهرة. كالعادة بدا الأمر وكأن معين الصبر لا ينفذ. كالعادة لا يتعلم الطغاة الدرس إلا بعد فوات الأوان. الغضب يتصاعد ببطء، والكتلة الحرجة قاربت على الوصول ويليها الانفجار المروع.
■ ■ ■
النصيحة الأولى للطغاة: لا تضغط على الشعب المصري أكثر من اللازم. أترك له منفذا، منفثا، كسرة خبز، شربه ماء. دعه يأمل في الغد، حتى لو لم يتحقق. يا أخي اقرأ كتب المرحلة الثانوية. أحفظ أسباب ثورة القاهرة لأنها تأتي دائما في الامتحان: السبب الأول: فرض الضرائب الباهظة على عكس وعود نابليون عند قدومه لمصر( الكلام لك يا جارة). السبب الثاني: تفتيشهم للبيوت والدكاكين بحثا عن أموال( لم يفتشوا في الجيوب ولم يخترعوا حكاية الضرائب العقارية). السبب الثالث: هدم أبواب الحارات لتسهيل مطاردة رجال المقاومة وهدم المباني والمساجد بحجة تحصين المدينة (كالعادة المبررات الأمنية).
■ ■ ■
وإذا كانت ثورة الشعوب تزعج الحكام، فقد كان الأمر بالنسبة لنابليون كارثة. من المدهش أن نابليون كان أوعى بمكانة مصر من حكّام من بني جلدتها. اسمع يا سيدي كلام نابليون وتحسر على حال بلدنا: " لو حكمت مصر لن أضيع قطرة واحدة من النيل في البحر‏,‏ وسأقيم أكبر مزارع ومصانع أطلق بها إمبراطورية هائلة‏./  في أوروبا الغيوم لا تجعلك تفكر في المشاريع التي تغير التاريخ‏,‏ أما في مصر فالذي يحكم بوسعه أن يغير التاريخ‏.‏/ لو لم أكن حاكما علي مصر لما أصبحت إمبراطورا علي فرنسا‏.‏/ الرسول محمد بني إمبراطورية من لا شيء‏.‏ من شعب جاهل بني أمة واسعة.‏ من الصحاري القفر بني أعظم إمبراطورية في التاريخ‏).
■ ■ ■
حكيم جدا وإن لم ينتفع بحكمته، أو ربما استدرجه صبر المصريين وأغواه. الرجل كان واعيا لمكانة الدين، حتى أن هذا الوغد الظريف- واسع الخيال- وزّع منشورا ليلة نزول الإسكندرية يقول فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، لا اله إلا الله وحده ولا شريك له في ملكه. أيها المشايخ والأئمة: قولوا لأمتكم إن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون". النصاب زعم أنه ما ذهب لروما إلا لحرب البابا الذي يعادي المسلمين!!، وتجول في الشوارع بجلباب وعمامة أزهرية. برغم ذلك بدأت الثورة من الأزهر. أنت تريد طبعا أن تعرف باقي الحكاية ولكن ما حيلتي وقد انتهت مساحة المقال!!. ناشدوا الأستاذ مجدي الجلاد أن يعطي التاريخ مكانا أكبر، لعل وعسى يصبح لحاضرنا مكانة أفضل.