اليابان تبدأ هجمات الكاميكاز

25 أكتوبر 1944 – اليابان تبدأ هجمات الكاميكاز على السفن الحربية الأمريكية.
■ ■ ■
هناك يابان، وهناك يابان!!. يابان الحلم والدقة والأناقة. آية من آيات جميل صنع الله في خلقه. كل شيء فيها مزخرف: الزهور، الطيور، الفراش. وروائح عطرية تسربت من جنات عدن، وورود سخية الألوان. وفتيات يشبهن الدمى بضفائرهن الطويلة وأقدامهن الصغيرة، وتقاليد مرعيّة عمرها آلاف الأعوام.
وهناك يابان الهول والنار والدمار، يابان العزلة الجغرافية والتنّين الأسطوري النائم منذ ألف عام!!. في القرن السادس عشر وصل تجّار أسبانيا والبرتغال وهولندا، وفي أعقابهم المبشرون. التنين فتح عينه مرتابا وأمرهم بالانصراف. اعتبروا التبشير  طلائع غزو عسكري فقطعوا صلتهم بالعالم الخارجي، وعاد التنين يواصل سباته قرنين ونصف. البحرية الأمريكية أيقظت التنين بالمدافع حين اقتحمت البلاد لتنهى عزلة دامت آلاف السنين!!.
■ ■ ■
اليابان في لغتها الأصلية تعني منبع الشمس. والشمس لها وجهان: وجه مشرق يتدفأ به القاطنون على الأرض، ووجه لاهب يصطلي به المغامرون بالاقتراب. الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية أدت إلى قوة عسكرية. التنين انتصب قائما، والثلاث آلاف جزيرة -التي تتكون منها اليابان- لم  تعد تتسع له. ولوافح النار من فمه الأسطوري أحرقت الصين وكوريا لتطول العم سام!!. المحيط الهادي لم يعد يتسع للاثنين. في الحرب العالمية الثانية هاجموا القاعدة البحرية الأمريكية في بيرل هاربور عام 1941. بعدها دخلت الولايات الأمريكية بعنفوان قارة تملك موارد بلا حدود. حينما بدأ التوازن في المحيط الهادي يميل لمصلحة الأمريكان، ووصلت العسكرية اليابانية إلى وضع ميئوس منه. وقتها فقط بدأ (الكاميكاز). الكاميكاز في اللغة اليابانية يعني عاصفة النار. الرياح المقدسة التي تقف في صف اليابانيين. في نهاية الحرب العالمية الثانية استخدموا الجنود الانتحاريين في ضرب الأسطول الأمريكي، يتجه الطيّار الياباني بطائرته المحملة بالذخائر إلى سفن الأسطول الأمريكي لا ليقصفها وإنما ليصطدم بها/ ويتجه الجنود بزوارق ملغمة إلى بطون السفن الحربية لينفجرون معها.
■ ■ ■
الكاميكاز كانوا مبجلين في المجتمع ويعتبرهم أقاربهم أبطالاً حقيقيين. مثقفين تحركهم دوافع وطنية، وتحكمهم قوانين أخلاقية، لا يستهدفون المدنيين وإنما الدفاع عن أنهارهم الجميلة وجبالهم الخضراء. ينطلقون لعملياتهم الانتحارية بعد مراسم شرفية يشربون خلالها مشروب الساكي الياباني فيما تُقرع الطبول. التنين الأسطوري لم يسكته إلا القنابل النووية، والدستور الياباني تغيّر حتى لا يكون كاميكاز. اليابانيون تظاهروا بالموافقة وفي نيتهم أن يتحولوا إلى كاميكاز جديد: كاميكاز العلم والعقل والحضارة. درس بليغ أعطوه لنا والعالم أجمع: الله سبحانه وتعالى منحنا عقلا لو استخدمناه بشكل جيد لتفوق على جميع الكاميكاز.