مولد محمد رضا بهلوي

26 أكتوبر 1919 مولد محمد رضا بهلوي شاه إيران.
■ ■ ■
إيران الطموح، إيران الجموح، إيران الأساطير. لماذا يا محمد رضا يهلوي لم تحافظ على عرش الطاووس الذي تعاقبه الأباطرة حتى وصل إليك؟. لم تفهم أبدا بلدك الذي تحكمه، فارس: خليط النيروز وعاشوراء، عمر الخيام والأئمة الأثنى عشر. لم تفهم أن بلادك يسكنها التاريخ تحت كل حجر: (قورش) الذي دانت له اليونان ومصر، الأسكندر الذي أسقط الإمبراطورية، حروب الروم التي دامت قرونا، وخيول العرب تصهل عند أبواب كسرى.
■ ■ ■ 
هذا بلد يحتاج كي تحكمه أن تفهمه، أن تنظر بعين إلى الماضي وعين إلى المستقبل، أن تفرغ فؤادك لدروس التاريخ، وتعلم أن بلادك لم تحكمها – إلا قليلا – حكومة  مركزية، شعبك غير مدجّن يا شاه، وقدس أقداسه الدين والكرامة. لم يشفع لك الانتعاش الاقتصادي الذي شهده عهدك، ولا تدفق المال بغير حساب، ولا سماحك للمرأة بالتصويت، ولا جيشك القوي وهيبة فارس بين جيرانها، ولا إصلاحات زراعية استفاد منها ملايين الفقراء. لم يتذكروا إلا السافاك، ومنعك للحجاب وحكمك المطلق. من قلب قمّ انطلق صوت قادم من أعماق التاريخ يحطم قوائم عرشك ويهد طمأنينتك.
■ ■ ■
محمد رضا بهلوي: ارتبطت حياته بمصر على نحو لافت للنظر. شهدته مصر شابا خجولا مترددا سحقه طغيان والده. علاقة عجيبة معقدة كانت تربطه بوالده الجاويش الذي أستولى على حكم إيران، الديكتاتور الذي قهره وصارحه أنه يصلح أن يكون فتاة وتكون شقيقته هي الذكر.  جاء ليطلب على استحياء يد الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق تلبية لأوامر والده. حينما خلع الإنجليز الأب لميوله الهتلرية ونصّبوه على عرش الطاووس لم يهنأ إلا قليلا . تأميم البترول والتفاف الشعب حول "محمد مصدّق" أرغمه على مغادرة إيران، قبل أن يعود إليها بانقلاب مضاد  صنعته المخابرات الأمريكية.
■ ■ ■
الأيام تمضي والشاب الخجول لم يعد خجولا ، وسرطان الكبرياء الكامن في أعماقه يتمدد على حساب ماض يخجله ويحاول نسيانه. والحكم المطلق فساد مطلق، وكلما انحنت الجباة له انتصبت قامته، ومن طقوس ولاء قادة الجيش السجود له مقبلين حذائه، وكارتر يشرب نخب الاستقرار في القصر الإمبراطوري!.  ابن السماء لم يتصور أن أقداره ستعيده إلى مصر طريدا بائسا. حينما اشتعلت الثورة واخفق الرصاص في وقف الزاحفين ركب طائرته وفرّ هاربا. لم يتصور أن أمريكا ستتنكر له كعادتها مع الطغاة السابقين. الشاه المخلوع المريض بالسرطان طوّف العالم شرقا وغربا فلم يجد قبرا يقبله إلا مصر الأم الحنون التي تتسع للجميع.