ألمانيا تحتل بولندا

8 أكتوبر: 1939 - ألمانيا تحتل بولندا في الحرب العالمية الثانية
■ ■ ■
النار والدمار، القصف الجوي الكثيف وكأن السماء تمطر بارودا. والحلفاء يردون بالمثل. حينما نشبت الحرب العالمية الثانية عام 1937 تكشفت الحقيقة المؤلمة: أسهل شيء أن تبدأ حربا وأصعب شيء أن تنهيها.
■ ■ ■
البداية كانت في معاهدة فرساي المجحفة التي قصت جناح النسر الألماني الجريح. ألمانيا الأبية التي مزقوها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى مثل قطعة كعك. لم يكن ممكنا لألمانيا أن تستسلم إلى الأبد . أعوام وانفتحت أبواب الجحيم: النسر الألماني ينتفض في كبرياء. يجرب جناحيه، يعلو صوب السحب البيضاء والسماء العالية. ثم يصلى الجميع نارا وجحيما، لا فرق بين ظالم ومظلوم، وجان وضحية. سبعون مليون نفسا قضوا نحبهم بين مدني وعسكري. حرب لونت الكوكب الأزرق بالدماء، معارك جوية وبحرية وأرضية. وسبعون دولة شاركت في الحرب فما أبأس المنتصر وما أبأس المهزوم!.  
■ ■ ■
هتلر: الكبرياء الآري ممثلا في لحم ودم، الملامح الصارمة والعينين المجنونتين . الفكرة الواحدة التي استحوذت على صاحبها: ألمانيا فوق الجميع. والكاريزما التاريخية تستقطب الكبرياء الألماني الدفين. في البدء امتنعت ألمانيا عن تطبيق العقوبات. سرعان ما انفتحت شهية النسر الألماني ليضم النمسا إلى ألمانيا في مارس 1938 ، بعدها أنقض على  تشيكوسلوفاكيا. حينما أجتاح ألبانيا  شعر الإنجليز والفرنسيون بالخطر فأعلنوا ضمان حدود بولندا، لكن الحذر لا يغني عن قدر، والنسر الذي أكتشف أنه نسر لم يعد ممكنا أن يعود إلى حياة الدجاج الأليف.
■ ■ ■
بولندا التي لم تهنأ إلا قليلا عبر التاريخ، قدرها أن تجتاحها الجيوش المعادية منذ اكتسحها المغول، مرات بعد مرات تتمزق البلاد وكلما أعيدت وحدتها اجتاحها الغزاة. بعد هزيمة نابليون، اتفقت الدول المنتصرة على تقسيمها وهكذا أضحى البولنديون شعبا بلا دولة حتى إعلان قيام مملكة بولندا مجدداً عام 1916 في خضم أحداث الحرب العالمية الأولى ، ثم عادت لتكون الضحية حينما أتفق هتلر و ستالين على اقتسامها، قبل أن تشعل ألمانيا فتيل الحرب العالمية الثانية بغزوها لبولندا. ببساطة أصبحت بولندا غير موجودة على الخريطة.
■ ■ ■
بشكل ما يعتبر غزو بولندا علامة فارقة في الحرب العالمية الثانية: بداية تقسيم العالم إلى معسكرين. حينما اجتاح هتلر أراضي بولندا وجهت بريطانيا إنذارًا إلى ألمانيا بوجوب سحب قوّاتها من بولندا فورًا وإلّا اعتبرت الحرب قائمة بين البلدين، وحذت فرنسا حذو بريطانيا، كان رد هتلر ضحكة هازئة وبريق مجنون في عينيه. لحظتها انقسم العالم إلى "حلفاء" و "محور" .هكذا كانت بداية الحرب التي دامت ست سنوات، أما النهاية فلوحة سريالية مخيفة من أسود البارود وأحمر الدم وأصفر الصحراء، وعش الغراب النووي من جزر اليابان يحجب جميع الألوان. يتصاعد..يتصاعد حتى عنان السماء.