18 أكتوبر – 1931 وفاة توماس إديسون، مخترع أمريكي.
■ ■ ■
هل تعرفون متى سنصبح مثل الأمريكان؟، حينما يصبح أمثال أديسون واينشتين وبلانك هم أبطالنا القوميون. حينما نستبدل العلماء بالزعماء، والباحثين بلاعبي الكرة والفنانين. حينما نفهم مغزى أن يبدأ الوحي بكلمة "اقرأ"، ويتحول الخطاب الديني إلى دعوة للعلم بمعناه الكبير. حينما نؤمن أن الله يعبد في المعمل مثلما يعبد في المسجد، والقوة التي أمرنا الله بإعدادها يستحيل الحصول عليها إلا بفهم قوانين الطبيعة، وتسخير القوى الكامنة.
■ ■ ■
توماس أديسون: الرجل الذي غير وجه الكوكب الأرضي بالكامل، قبله كان الليل مظلما والزوايا معتمة، والقناديل الواهنة تكافح بلا جدوى الظلام المهيمن، والناس يسرعون لبلوغ بيوتهم قبل الغروب. واليوم تضاء المدينة بضغطة زر. بدأ طفلا بليدا متخلفا ومات وقد سجل باسمه أكثر من ألف اختراع.الأمومة هي كلها السر هنا والعلاقة الحنونة المتبادلة بين الأم وابنها. إيمان أمه به، واحترامها له، وثقتها فيه جعلوه يشعر أنه أهم شخص في العالم فعاهد نفسه أنه لن يخذلها.
■ ■ ■
امتهن بيع الجرائد في السكك الحديدية، وقادته القوى الكامنة داخله إلى تعلم أسرار الطباعة وسبر أغوارها. ابتكر أول آلة تلغرافية، وبعدها توالت اختراعاته حتى بلغت الألف: الأفلام والبطارية والميكروفون والفونوغراف، ونظاما لتوليد البنزين من النباتات، وأنتج أول فيلم سينمائي صوتي.
■ ■ ■
حصر الألف اختراع ليس مرادنا في هذا المقال. ولا حتى الاحتفال بميلاد عبقري، وإنما استلهام سيرته، تذكر هؤلاء الذين أحبوا العلم للعلم، عاكفين في معاملهم، بإمكانيات محدودة وأحلام كبيرة، غافلين عن النوم والراحة، في سبيل المعرفة. وإذا كان جيلنا قد فشل في تحقيق هذه الغاية، فعلى الأقل نلهم طموح الشباب الغض في العلم والعلماء. حرام والله أن نظل في قاع الأمم فيما يتجاوز الأمريكان المريخ إلى المشترى. ساعاتنا معطلة وساعاتهم مضبوطة على الفيمتو ثانية لتصوير التفاعل الكيميائي، والاحتفال بميلاد جزيئات لا تستغرق سوى جزء من ألف مليون مليون ثانية بحيث يمكن التدخل لعلاج الأمراض الناشئة عن أخطاء الخلية.
■ ■ ■
لا شيء يصنع بالصدفة وإنما بالعمل الشاق. أديسون لم يسم محاولاته الألف لصناعة المصباح الكهربائي محاولات فاشلة. بل سمها "تجارب لم تنجح، ألف طريقة خطأ لصنع المصباح الصحيح!!". الحكاية يا جماعة كما لخصها أديسون: العبقرية مائة جزء، واحد في المائة منها إلهام والباقي عرق. أديسون، سيدي أديسون: أنتــم الناس.. أيها العلــــــــماء.
