لماذا تتحرش الحركات النسوية بالدين؟

شعرت بالأسف الشديد عندما قرأت مقال د. نوال السعداوى الأخير فى «المصرى اليوم»، خصوصاً هذه الفقرة: «الأديان نشأت بسبب الحاجة لتفسير الظواهر الطبيعية التى لم يفهمها العقل البشرى حينئذ، مثل العواصف والزلازل والأمطار والفيضانات، ومع تطور العقل والاكتشافات العلمية، بعد انتصار العلماء الأوروبيين على كهنة الكنيسة، أصبح العلم يفسر هذه الظواهر».
ما تقوله الدكتورة نوال يصلح لتفسير التفكير الخرافى لسحرة القبائل الوثنية، ويصلح أيضا لتفسير الأطروحات الأسطورية لديانات مصر القديمة والإغريق، لكنه لا يصلح مطلقا لتفسير الإسلام، بهذه الجملة العامة التى تجمع الدين الحق مع الدين المزيف.
■ ■ ■
هذا زعم ظالم. أعنى نشوء الأديان كحاجة لتفسير ما نجهله من الكون. وها هو القرآن بين أيدينا، كتاب توحيد وهداية. هذا هو دوره وهدفه وغايته. القرآن فى مجمله ما هو إلا توحيد الخالق عز وجل، وتعريف الإنسان بخالقه العظيم، وهدايته إلى مكارم الأخلاق، ولم يأت قط لتفسير ظاهرة طبيعية. بل إنه لم يصف الشمس والقمر والليل والنهار والنجوم والكواكب والرياح والأمطار إلا فى إطار ربط الإنسان بخالق الكون العظيم.
■ ■ ■
بل أكثر من ذلك: لقد خسفت الشمس عند وفاة إبراهيم ابن النبى، فجاءته المعجزة طائعة دون أن يسعى إليها، فتهامس المسلمون أن الشمس كسفت حزناً على وفاة ابن النبى. وبرغم حزنه الشديد الذى يقصم الظهر، فإن النبى لم ينس واجب الهداية، فوقف فى المسلمين يصحح المفاهيم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، لا يخسفان لموت أحد أو حياته».
وكما ترون هو لم يفسر خسوف الشمس كما تزعم د. نوال السعداوى.
■ ■ ■
وربما يقول قائل: «إنك لم تقل لنا رأيك فى نشأة الأديان. لقد سفّهت رأياً ولم تأت برأى مقابل». أقول إننى أفهم الأمر كما طرحه القرآن. نزلت العقيدة فى الإله تامة كاملة منذ الوهلة الأولى مع ظهور آدم (لست مع العقاد الذى كان يرى تطور العقيدة فى الإله مع تطور الديانات). كل ما هنالك أن الأرض كانت شاسعة، ووسائل الاتصال والانتقال كانت بدائية، وبالتدريج نسى البشر عهدهم نحو الإله، وبدأت التفسيرات الأسطورية للكون هنا وهناك، فنشأت عبادة الأوثان. ومن آن لآخر يرسل الله الأنبياء ليصحح العقائد، حتى جاء النبى الخاتم بالتوحيد الناصع الذى لا تشوبه شائبة.
■ ■ ■
لماذا تصر الحركات النسوية على التحرش بالدين؟، لماذا تزعم أن الدين، بل الخالق عز وجل، ظلم المرأة (وحاشاه سبحانه أن يكون ظالماً)؟.
ولو أنهن قدرن الله حق قدره لعلمن أن الخالق يمتنع أن يكون ظالماً، لأن صفة الخلق فيه سبحانه نابعة من ألوهيته، والإله لا يكون إلا متكامل الصفات. قال عز وجل: (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). لكنهن يسخرن من الذين يدافعون عن الدين وعدل الشريعة، ناظرات إلينا باستخفاف كأننا متخلفون وهن اللواتى تخلّصن من الأساطير والخرافات!!.
وإنه ليملؤنى أسى أن نجدف فى حق الخالق المتعال الذى سنعود إليه فى النهاية بعد وقت طال أو قصر، لنقدم له كشف الحساب.
■ ■ ■
للحركات النسوية دور نبيل فى نصرة المرأة والدفاع عن حقوقها، له كل احترام. بشرط واحد وهو الاحترام الواجب للدين. النصيحة واجبة لرائدات الحركات النسوية، وعلى رأسهن الدكتورة نوال السعداوى: لا تتحرشن بالدين، فرب كلمة تخرج من أفواهنا فى الدنيا سوف نندم عليها أشد الندم يوم الحساب.