هل جاء عصر الهجوم على القرآن؟

أستأذن القراء في نشر فقرة مطولة من مقال الأستاذ عادل نعمان "داعش تهدد السلفيين بالقتل!تصدقوا؟| الذي نشره الخميس الماضي،لكيلا يتهمني أحد أنني اجتزأت الكلام من سياقه
يقول: «الدواعش يا سيد مخيون أجمعوا على ما أجمع عليه الأئمة الأربعة والسلفيون والوهابيون وعلماء المسلمين كافة، على كفر غير المسلم، ونفذوا ما تم الاتفاق عليه بينهم، فإما أن يدفع الجزية وهو صاغر، أو يدخل فى الإسلام، أو يُقتل. أليست الآية واضحة (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون)، هل لديك تفسير آخر لهذه الآية غير ما يصنعه الدواعش؟ هل يخطئ الدواعش فى سبى النساء غير المسلمات واغتصابهن وبيعهن جوارى فى سوق النخاسة؟ هل نفذوا والتزموا بتعليمات الفقهاء والأئمة أم خالفوها؟ أليست هذه الأحكام هى ما تنادون بها ليل نهار، وتعتبرون الحاكم الذى لا ينفذها كافراً ومرتداً (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون)؟ وأتساءل: إذا كنتم تنادون بتطبيق الحدود، وهم أكثر الناس التزاماً بتطبيقها، ولا يختلفون عنكم فى كثير أو قليل، فلماذا يهددونكم بالقتل؟». انتهى النقل عن الأستاذ عادل نعمان!
لا مفر لى أن أقول إنه كلام غير مسبوق وغير مسؤول وغير مقبول.
غير مسبوق: لأنه فى حين يحرص قادة الدول الغربية على تبرئة الإسلام من تهمة العنف، وعدم الخلط بين نصوص الدين المقدسة وتصرفات أتباعه، فإننا نقرأ هجوما مباشرا على القرآن الكريم نفسه، وأين؟ فى المحروسة!
وغير مسؤول: لأنه يعلم أن القانون يجرّم أى مساس بالكتب السماوية.
وغير مقبول: لأنه يؤذى مشاعر من يتعبدون بقراءة هذه الآيات.
فلنضع النقاط على الحروف بجرأة مماثلة لجرأة الأستاذ عادل نعمان.
أولا: هناك مقدسان فى الإسلام لا يجوز المساس بهما مطلقا: القرآن الكريم وشخص النبى. أنا لا أتحدث عن الصحابة ولا الأئمة الأربعة فهم غير معصومين. وبالتأكيد لا يهمنى الإخوان والسلفيون والدواعش. وإنما أتحدث عن القرآن نفسه الذى يقول عنه (أليست الآية واضحة؟) و(هل لديك تفسير آخر لهذه الآية غير ما يصنعه الدواعش!). لقد اعتدنا من قبل الهجوم على الفهم الخاطئ للنصوص، أما الطعن فى الآية ذاتها فذلك تطور خطير.
ثانيا: إذا كان الدواعش يؤمنون بالآية الكريمة (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ.. الآية)، أو (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ.. الآية)، فجميع المسلمين، وأنا أولهم، يؤمنون بها ويتعبدون بتلاوتها.
ثالثا: المسألة ببساطة أن القرآن (كله) إما من عند الله أو ليس من عند الله، هكذا بوضوح. فمن يؤمن أنه كلام الله يجب عليه توقيره وتقديسه. ومن لا يؤمن أنه كلام الله فهو فى حل منه، ولكن لا يجوز له إهانته.
رابعا: الرد الموضوعى على اتهام القرآن بالدعوة للعنف من أسهل ما يكون. وقد فعلته مرارا، وإن شاء الله أعاود فى مقالات قادمة.
وأخيرا فإن من أحب الأمور لدىّ أن يكون الكاتب قد خانه التوفيق ولم يقصد الهجوم على الآية. ولكن عليه أن يحترس مستقبلا فى صياغة عباراته. إذا كان الواحد منا يدقق فيما يكتبه تعليقا على خطاب للرئيس، فكيف به وهو يتحدث عن قرآن رب العالمين؟