طريقة سهلة لحل الأمور

هذه القصة المرعبة التى جاءتنى من د. أحمد سالم، أرجو أن تكون مجرد قصة رعب لا أكثر، وليست نبوءة بما هو قادم، بعد شيوع الظلم واسترخاص الإنسان.
■ ■ ■
«انقضت سنوات النيابة الثلاث»..
لا أحد يستطيع أن يتخيل حجم الشقاء والمعاناة الذى يتحمله نواب الجامعة، سوى نواب الجامعة أنفسهم. ثلاث سنوات من العمل المضنى فى مستشفى الجامعة. لم ير بيته إلا لماما. لا يكاد يغمض عينيه حتى يفتحهما مرة أخرى، على مصيبة غالبا! مريض ينزف، مريض يموت.
لا شىء يُهوّن على الطبيب المقيم الشقاء الذى يتجرعه سوى معرفته بالجائزة التى تنتظره فى النهاية: وظيفة مدرس مساعد أولى خطواته نحو الأستاذية. منصب محترم، دخل دسم، مركز مرموق.
■ ■ ■
البداية أن يتقدم رئيس قسم الباطنة للجامعة طالبا تعيينه هو وزملائه الخمسة فى وظيفة مدرس مساعد.
هنا تبرز المشكلة.
رئيس أقسام الباطنة هو الدكتور العظيم «شفيق منصور». إن كان الإنسان قد خُلق من الطين فهذا الرجل قد خُلق من صخر وحديد. طراز غريب من البشر، دائم التجهم، منعدم الرحمة!
تمر الأيام. من المفترض أن يتقدم د. شفيق منصور بطلب تعيينهم إلى الجامعة، تلك هى الخطوة الأولى التى لابد منها. لكن! لا شىء يحدث.
يشعر أحمد وزملاؤه بالقلق. هذا الطلب لماذا لم يكتبه حتى الآن؟
يهاتف أحمد زملاءه ويتبادلون الرأى. يقررون الذهاب للاستفسار عن سبب التأخير.
فى الموعد المرتقب يرتدون أفضل ما لديهم من ثياب ويحلقون ذقونهم بعناية. يرتدون الابتسامات المزيفة قبل أن يدخلوا إليه المكتب.
■ ■ ■
فى حياة كل إنسان لحظات بغيضة، يذكرها مهما طال الأمد. منها هذه الدقائق التى قضوها فى مكتب الرجل. والخلاصة أنه قرر أن الجامعة لا تحتاج إلى خدمات هؤلاء الأطباء الرعاع. ومن ثم فهو لن يتقدم بأى طلبات لتعيينهم، فى سابقة لم تحدث منذ سنوات طويلة، أن ينهى الأطباء نيابتهم ولا يحصلون على وظائف.
لا جرم أن تسود الدنيا فى وجوههم! لماذا لبثوا فى هذا العذاب تلك السنوات إذاً؟ ماذا سيفعلون الآن؟
الوساطات باءت بالفشل والرجل صلب كجلمود.
مرت الأيام، وترامى إلى مسامعهم تعيين الأطباء بباقى أقسام المستشفى. وبقى قسم الباطنة بلا تعيينات إلى أن يحال الدكتور شفيق على المعاش (وهو ما زال فى الثالثة والخمسين)، أو إلى أن يموت.
يموت!!!
ماذا لو مات؟
سيأتى مكانه بالطبع من يليه فى السلم الوظيفى. الدكتور سامى رجل ودود. ولن يعطل مستقبل هؤلاء الشباب كما يفعل هذا الشيطان غير الآدمى.
ظلت أمنية عزيزة تراوده أن ينام دكتور شفيق فلا يستيقظ. لكن التجارب أثبتت أن الرجال الذين نتمنى موتهم لا يموتون.
■ ■ ■
قبل أن تُصدر أحكاما أخلاقية. أغمض عينيك الآن وتصور أمامك أكثر شخص تكرهه فى الوجود. تصور نفسك ممسكا بتلابيبه فى مكان معزول. يمكنك الآن أن تفعل ما يحلو لك! وأنت بمأمن من العقاب، فهل ستتركه؟
■ ■ ■
بعد أسبوعين توجه أحمد إلى المستشفى. كان الجميع يتحدثون عما حدث لشفيق منصور! وكيف وجدت بقاياه على الطريق الصحراوى! الفاعل مجهول وغالبا سيظل مجهولا.
تولى الدكتور سامى منصب رئيس الأقسام. وهو النقيض تماما من الدكتور شفيق. وبدأ يسعى جاهدا فى إجراءات التعيين. الإجراءات تمضى بسرعة لا تصدق. لم يبق سوى إمضاء رئيس الجامعة. رئيس الجامعة لا يريد أن يوقع. يجتمع الأطباء الغاضبون ليفكروا فى حل. كلهم ساخطون متشائمون، عدا أحمد. إنه يبتسم ابتسامة غريبة ويقول لهم: «الفرج قريب».