محمد علي كلاي

وصلتني من الأستاذ محمد غنيم هذه الرسالة المؤثرة عن رمز من رموز طفولتنا.
..........
"محمد علي كلاي، أسطورة الملاكمة، وأعظم ملاكم في التاريخ بلا منازع. هو الفراشة كما أُطلق عليه لخفة حركته على حلبة المصارعة. وهو النحلة كما أسمته الصحافة، وذلك لأنه يلدغ خصمه بقبضته القوية.
كانت لحادثة سرقة دراجته الهوائية وهو صغير، وعجزه ان يستردها لضعف قوته وقلة حيلته، الأثر الأكبر في اتجاهه لتعلم الملاكمة واحترافه لها فيما بعد. لم ينل شهرته كملاكم فقط، وإنما كمعارض قوي للتمييز العنصري ضد السود في أمريكا. فرفض المشاركة في حرب فيتنام العبثية التي أزهقت عشرات الآلاف من الأرواح، ودخل السجن نظير ذلك. وكان داعيه قويا ومؤثرا في مجال الحقوق المدنية وحقوق الإنسان.
..........
اعتنق الإسلام حينما قرا عن تعاليمه في مساواته بين البشر دون النظر لاعتبارات الجنس أو اللون أو الأصل، وهو ما لاقي اعجابا منه واستحسانا بعد أن عانى كباقي أبناء جلدته من ويلات التمييز العنصري الذي كان في أوجه في هذه الفترة.
اشتهر محمد على كلاى بأسلوبه المتميز في الملاكمة والمتمثل في ارباك خصمه بحركته الرشيقة وقفزاته الخفيفة حول خصمه، وكان ذلك يثير الخصم ويستفزه فيحاول الوصول له ولكنه كان بارعا في المراوغة والقفز برشاقة لا تجعله هدفا سهلا للخصم، وبينما هو كذلك يفاجئ خصمه بضربة قوية خاطفة تُطيح به أرضا، وهو في حال من الذهول.
..............
اشتهر عصر كلاى بعظماء الملاكمين ومنهم جو فريزر المصارع الشرس وجورج فورمان الرهيب الذي كان مجرد ذكر اسمه يثير الفزع، ولكنه استطاع الفوز على جو فريزر في مباراتين مقابل مباراة. وبقيت العقبة الكؤود في التغلب على جورج فورمان الرهيب الذي لم يهزمه احد من قبل. وكل الذين التقوا محمد علي كلاى وقتها نصحوه الا ينازله لأنه سينهزم لامحالة. ولكنه صمم على منازلته واستطاع أن يتبع تكتيكا عبقريا، فقد عمد الى استفزازه واثارة غضبه في بداية المباراة بحركاته وقفزاته الرشيقة ودورانه حول فرمان وهو ما دفع جورج فورمان الى الهجوم بقوه لينال منه، وكلاى بتفادي لكماته القوية ببراعة واستمر في استفزازه واستمر جورج فورمان في غضبه وهجومه حتى أنهكه تماما فأدرك أنها فرصته الذهبية فما كان منه إلا أن وجه ضربه قوية خاطفة الى جورج فورمان فأطاح به أرضا، ثم عاجله بضربات سريعة متتالية، ليفوز كلاى ويدخل تاريخ الملاكمة من أوسع ابوابه ويسجل اسمه كأعظم ملاكم في تاريخ اللعبة.
............
استمر كلاى في تحقيق الانتصارات الى ان اعتزل، ولكنه بعد غياب سنوات وتقدمه في العمر قرر العودة للحلبة، وكانت تلك سقطته القاتلة، إذ لم يدرك -وهو الذكي- انه لم يعد الشاب الممتلئ قوه وفتوه وان الزمن يهزم الجميع. وبالفعل هُزم في مباراتين متتاليتين اعتزل بعدهما نهائيا.
..............
ومن أسف أنه أُصيب بعد ذلك بمرض باركنسون أو الشلل الرعاش نتيجة الضربات التي تلقاها كملاكم طوال سنوات لعبه، واستمرت معاناته مع المرض الى ان توفى، فودعه العالم بأسره وحضر جنازته رؤساء سابقون وحاليون، ومشاهير لم يتسع لهم المكان. وحضرت الجماهير من كل أنحاء العالم ونُكّست الأعلام وساد الحزن الأوساط الرياضية، وقال عنه جورج فورمان الرهيب" إنه أعظم إنسان عرفته في حياتي ولم أر أطيب منه".
رحل محمد على كلاى عن دنيانا ولكن عاش خالدا كبطل رياضي واحد ابطال الدفاع عن حقوق الانسان والحقوق المدنية للسود ومعارضا للحرب واستحق لقب الأعظم بامتياز، رحمه الله رحمة واسعة.