حسن فتحي

وصلني هذا الخطاب الجميل من الأستاذ محمد غنيم، والذي يذكرنا فيه بحسن فتحي، القيمة والقامة.
.............
حسن فتحي: معماري بدرجة فنان وفنان بدرجة إنسان، ابن الاسكندرية والمنحدر من عائله ثرية ،ولد  عام ١٩٠٠ وتوفى عن عمر يناهز ال ٨٩عاما. درس الهندسة المعمارية وحصل على دبلوم العمارة من مدرسة المهندسخانه بجامعة فؤاد الاول (والتي تعرف الان بجامعة القاهرة). تأثر بالعمارة الإسلامية والمملوكية والعمارة النوبية ، وكان همه الأكبر هو كيفية توفير السكن الكريم والمناسب للفقراء الذين لا يمتلكون المال الكافي لاقتناء البيوت، وتأثر بأوضاع الفلاحين عند زيارته لإحدى القرى بطلخا وشاهد الفلاحين يعيشون في بيوت تشاركهم في سكناها مواشيهم ولا تتوافر بها اي شروط صحيه ،فأخذ  يفكر حينها كيف يمكنه ان يساعد الفقراء من الفلاحين بأن يبني لهم بيوتا تليق بآدميتهم وتوفر لهم حياه كريمة وذات تكلف يسيرة، وهداه تفكيره الى ان الفراعنة كانوا يبنون بيوتهم من المواد الخام المتوافرة في البيئة التي يعيشون فيها، لأن الله عز وجل جعل فيها ما يصلح لمقاومة قسوة الحياه في بيئتها ،وكان ان استقر رأيه على ان يبني للفلاحين بيوتا من المواد الخام المتوافرة في بيئتهم  كالطوب اللبن والطفله، واستطاع بعد جهد جهيد ان يتمكن من التغلب على المعوقات والروتين ومقاومة  المسؤولين لفكره المعماري، وقام ببناء قرية القرنة الجديدة بالأقصر، فكانت بحق متكاملة راعى في بناءها تتوافر الشروط الصحية بمساكنها من تهويه طبيعية ودخول الشمس والهواء للبيوت طوال اليوم وعلى مدار العام، وكذلك على تبريدها الطبيعي للجو صيفا وتدفئته شتاء. كما بنى بها مدرسه للبنين واُخرى للبنات وثالثة لتعليم الحرف التي كانت تشتهر بها الأقصر كالكليم والصناعات القائمة على النخيل وتموره، وبنى بها سوقا كبيره تتوافر لها الشروط الصحية لتخزين المواد والتهوية والاضاءة الطبيعية والاتساع، واستحق عنها جائزة نوبل البديلة للعمارة من السويد وكان أول من يحصل عليها بعد إنشاءها. له قرية اخرى تعرف باسم قرية باريس في الفيوم، كان في كل تصميماته يراعي البيئة المحيطة بها ويمنحها بعدا تاريخيا ، ويستخدم المواد الخام المتوافرة في بيئة المكان عند البناء، لأنها الاصلح لتحمل ومقاومة طبيعة المكان والأكثر ملاءمة له.
............
صدرت له عدة مؤلفات في العمارة، أهمها كتابه الشهير عمارة الفقراء الذي كان سببا في شهرته واحتفاء الامم المتحدة به وعمله بها من خلال إشرافه على برامج تنموية في عديد الدول وقيامه بتكرار تجاربه في دول عدة، كل وفق طبيعة البيئة فيها. وأصبحت تجربته إبداعا يدرس ويحتذى واحتفت بتجربته الامم المتحدة وعديد البلاد الاوروبية لتفردها وعبقريتها وخدمتها للفقراء.
................
ومن أقواله "إن في العالم ٨٠٠ مليون فقيرا معرضون للموت المبكر لعدم توافر  السكن الملائم ،وهؤلاء هم زبائني". وأنه إذا كان بوسعي ان اعمل على مساعدة الناس، فان الله لن يغفر لي اذا ساهمت في رفع درجة الحرارة ١٧ درجة داخل البيوت"، ويقصد استخدام الحديد والاسمنت وأنواع الطوب الغير ملائمه وعدم مراعاة التهوية الطبيعية والاضاءة".

ورغم شهرة حسن فتحي محليا ودوليا والنجاح الذي حققه، الا انه بقي دوما مهموما بالفقراء والفلاحين وبتوفير السكن الملائم لهم بأقل التكاليف لإيمانه بان هذا من أبسط حقوقهم، واستحق بذلك ان يكون معماري بدرجة فنان وفنان بدرجة إنسان، وفوق ذلك كله استحق -وعن جدارة- لقب رائد عمارة الفقراء.
...............
رحم الله حسن فتحي المهندس والمعماري والفنان والإنسان.