ستات مصر

رسالة اليوم طريفة جدا. وتلقى الضوء على البطولات الخفية التى تقوم بها ستات مصر دون ضجيج. كلكم تذكرون قصة المرحومة بإذن الله نيفين لطفى، وتذكرون أيضا الرسالة التى نشرتها لسيدة استطاعت- بسلاح حواء الخالد- السيطرة عليه بالهدوء والرقة.
حكاية اليوم من نوع آخر. فهناك لص اقتحم شقة لا يوجد بها غير نساء. اقتحمها وهو يشهر السكين. بالطبع كان يتصور صراخا وتوسلات! وبكاء وانهيارات! لكن ما حدث كان شيئا مختلفا كل الاختلاف. لا أريد أن أفسد المفاجأة. لذلك أترككم مع الرسالة.
■ ■ ■
«دكتور أيمن. بعد التحية. قرأت مقالكم فى جريدة المصرى اليوم، وفيه عرضت قصة هذه السيدة الشجاعة التى اقتحم بيتها لص، فما كان منها إلا أن تعاملت مع الموقف بهدوء وروية. وتجنبت أن تستفزه أو تثير غرائز الصياد فيه، حتى انتهى الأمر بتراجعه، وخروجه من البيت. هذه السيدة الشجاعة وصفتها أنها «حديدية»! وهى بالفعل تستحق هذا اللقب. ولكننى أريد أن أروى لك قصتى، لعلى أستحقه أنا أيضا.
■ ■ ■
أقدم لك نفسى أولا. أنا دكتورة شادية توفيق حافظ أستاذة فى كلية الآداب، جامعة القاهرة، رئيس قسم اللغات الشرقية سابقا. أذكر أنه من حوالى سنة كنت جالسة فى البيت ومعى (الشغالة)، وهى بالمناسبة أمضت معى نحو خمسة عشر سنة، أى أننى التى ربيتها. وبينما كنت فى الساعة الرابعة عصرا فى غرفة الجلوس، إذ بى أسمع صرختها من المطبخ، فتصورت أنها انزلقت، فنهضت لاستطلاع الأمر لأجد المشهد التالى:
شاب فى نحو العشرين، يدفعها من الخلف، وقد وضع سكينا على عنقها. وبمجرد دخولى حتى دفعها بعنف فألقاها على المنضدة وأمسكنى واضعا السكين على عنقى.
بذمتك يا دكتور أيمن، أسألك وأسأل القراء الكرام، ماذا كنتم تصنعون لو كنتم مكانى؟ الصراخ! الاستغاثة! التوسل! الانهيار!
كل ذلك لم يحدث. لن تصدق أبدا القوة التى داخلتنى فى هذه اللحظة و(حلاوة الروح) التى دفعتنى أن أضربه بكل قوتى. وأجذب فى الوقت نفسه الكوفية التى تلثّم بها لإخفاء ملامحه. ظللت أضربه وأضربه، وهو يضربنى هو الآخر بقدمه وحذائه الغليظ، وأنا مصممة على المقاومة والضرب. حاول أن يحملنى ويلقينى على الأرض وأنا أتشبث! يضرب وأنا أضرب! ثم زحفت على الأرض ناحية باب الشقة صارخة كى أفتح الباب! فإذا بى أجد أمامى السائق، فخرج عليه اللص بالسكين! لكنى لم أنتهز الفرصة للنجاة بنفسى، وإنما جذبت السائق بقوة حتى تمكنت من سحبه إلى الداخل، ثم رحنا- أنا وهو- ندفع الباب لإغلاقه واللص فى الخارج يدفعه فى الاتجاه المعاكس، محاولا أن يصيبنا بالسكين.
وفى النهاية تمكنا من إغلاق الباب علينا، فلم يجد أمامه سوى الهروب هابطا عشرة أدوار على قدميه.
■ ■ ■
انتهت المحنة بحمد الله. ولكن الطريف أننى اكتشفت بعد حضور الشرطة وقدوم زوجى والجيران أننى أثناء (العلقة) تمكنت أن أخلع عنه الجاكت! فوجدنا فيها شريط ترامادول! ورقمه القومى وأرقام تلفونات، بمعنى أننى لم أهزمه فقط، وإنما قدمته فريسة سائغة للشرطة.
للأسف حتى اليوم لم تخبرنى الشرطة بالقبض عليه، ولكن يكفينى أننى استطعت– بفضل الله- هزيمته. فما رأيك يا دكتور أيمن فى ستات مصر؟ بذمتك ألا أستحق أنا الأخرى لقب المرأة الحديدية؟
ملحوظة: أنا عمرى فوق الستين!».
■ ■ ■
انتهت تلك الرسالة الرائعة. تحية للدكتورة شادية وتحية لستات مصر جميعا. على أنه يراودنى سؤال حائر: ترى كيف يتذكر هذا اللص هذه العلقة المشينة التى نالته من امرأة؟ لعله الآن قد اعتزل الجريمة بعد هذا الهوان!.