اعتراض وتعقيب على «زوجة ملحد»

وصلنى هذا التعقيب على رسالة «زوجة ملحد» من إحدى القارئات: «لم أشعر بالارتياح وأنا أقرأ رسالة (زوجة ملحد). ربما لأننى وجدتها نظرة سطحية للملحد، الذى لا بد أن يكون مخادعا وماجنا مثل زوج هذه السيدة، وهذا ليس حقيقيا بالمرة. إننى بشكل شخصى أعرف ملحدين غاية فى الأخلاق والاستقامة، وأعرف أيضا ما يُدعى (سلفيين) وذقونهم لبطونهم، ولكنهم قمة فى الوضاعة وسوء الأخلاق والانحراف! وأنت تعلم ذلك جيدا.


ثانيا: اعتقادات الإنسان شىء شخصى وغير قابل للتحكم فى بعض الأحيان. وهو فى النهاية أمر خاص بينه وبين خالقه، ليس من حق أحد أن يحكم عليه طالما أنه لم يضره. أنا مثلا لدى شكوك فى العقيدة، فهل يطلقنى زوجى لهذا السبب؟.

ثالثا: ألا يُعد فحصها لرسائله الشخصية تجسسا لا يليق!». انتهت الرسالة.

■ ■ ■

ردى على هذه النقاط كالتالى:

بالنسبة للاعتراض الأول الخاص بأن هناك ملحدين قمة فى الأخلاق والاستقامة، فيما يوجد متدينون غاية فى الوضاعة، فإن هذه السيدة تحكى قصتها الشخصية، ولم تقم بإحصاء لتتبين من خلاله مدى تدهور الأخلاق أو تحسنها بعد الانفكاك من رباط الدين. هذه سيرة ذاتية وتجربة شخصية نشكرها لأنها شاركتنا فيها.

وللعلم: هى أخبرتنى أنها لن تقرأ هذه المقالات- إذا قررت نشرها- لأنها لا تريد أن تستعيد للمرة الثالثة الألم والمشاعر السلبية، بعد أن اكتوت بنارها مرة وهى تعيشها، ثم كتبتها بدموعها مرة ثانية من أجل التحذير من هذا الوباء الذى يجتاح المجتمع.

■ ■ ■

ليس ذنبها بالقطع أن زوجها تحرر من كل الأخلاق، ومارس الكذب والخداع، وعاشر العاهرات بما يحملنه من احتمال الإيدز، ثم عاشرها بعد أن ادعى- كذبا وعدوانا- أنه تراجع عن إلحاده.

أما بالنسبة للعلاقة بين الدين والأخلاق فقد بلغت من العمر والتجربة ما يجعلنى أدرك- ولا أهضم- أن للأخلاق رافدا من الإنسانية بمعزل عن الدين، والدليل ما نشهده من أخلاق راقية فى شعوب لا تؤمن بأى دين. وإن كان التدين الحق هو أكبر عاصم بين المرء وغرائزه، لو كان صادق الإيمان فيما يدعيه.

(ملحوظة جانبية: أزعجنى أن تعتبر القارئة اللحية دليلا على التدين. ورأيى الشخصى أن الأحاديث التى تدعو لإعفاء اللحية وقص الشارب- بفرض صحتها- كانت، بنص الحديث، تهدف للتمايز عن المشركين. بالمناسبة شيخى الجليل الإمام «محمد أبوزهرة» لم يكن ملتحيا وهو أفقه الناس بهذا الدين).

■ ■ ■

ثانيا: بالنسبة لقولها: «هل يطلقنى زوجى بسبب الشكوك؟». أقول: بالنسبة لزوج هذه السيدة لم تكن شكوكا ولكنه كان كفرا بيّنا. وهى- بشريعة الإسلام- لم تعد تحل لهذا الرجل، والعقد قد انفسخ فعلا من تلقاء نفسه كما أخبرته. عندما تقدم لها كان يشاركها اعتقادها وعلى ذلك تزوجته، ثم صار لا يعتقد بوجود الخالق، ويرى أن يوم القيامة (هجص) ويسب الرسول بأشنع الأوصاف!.

أما هل يطلقها زوجها لأن لديها شكوكا، فكل الناس لديها شكوك، وهذا أمر طبيعى جدا، فاليقين التام يوم لقاء الله فقط.

■ ■ ■

ثالثا: بالنسبة للتجسس على جوّاله فهذا أمر غير لائق بالفعل، ولكنه- فى رأيى- كشف لها عن شىء كان يجب أن يُكشف. هى لم تتجسس عليه لأنه قد تغير بسبب علاقة نسائية، لقد شرحت لى فى الرسالة أنه لو كان قد تزوج عليها لظلت معه وما طاقت أن تفارقه. ولكنها حين وجب الاختيار اختارت عقيدتها وحب ربها عنه.
ونعم الاختيار.