هل يدعو القرآن للعنف؟ (2)

تعالوا نستعرض سويا آيات القتال في القرآن:

«لا إكراه في الدين». هذه يتجاهلونها.
«أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». هذه يتجاهلونها.
«فذكر إنما أنت مذكر. لست عليهم بمسيطر». هذه يتجاهلونها.
«ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة». هذه يتجاهلونها.
«وإن جنحوا للسلم فاجنح لها». هذه يتجاهلونها.
«لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم». هذه يتجاهلونها.
«إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». والله إن القرآن ليتسامح حتى يحار العقل. هؤلاء ارتكبوا الخيانة العظمى. ألم يكن الإعدام هو عقاب من يوالى إسرائيل سنوات الحروب؟ لكن القرآن لا يرتب عقوبة، وإنما يصفهم فقط (بالظلم)!! وبعد ذلك يتحدثون عن عنف القرآن!!
■ ■ ■
وعندما يحدث الاعتداء من جانبهم فماذا يقول القرآن؟
«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لقدير» فجعل الظلم هو المبرر لمشروعية القتال. هذه يتجاهلونها.
«وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين». هذه يتجاهلونها.
«وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين». فجعل شرط القتال هو دفع العدوان، ولم يكتف بذلك بل جاء الأمر بعدم الاعتداء؟ وأين؟ في جزيرة العرب التي يعتبر فيها غزو القبائل أمرا يوميا! ومتى؟ في وقت كانت القسوة تسود العالم؟ ومع من؟ مع هؤلاء الذين كذبوا الرسول وحاربوه! وبعد ذلك يتهمون القرآن بالعنف؟ ويا له من تدليس!
وعندما صارت الحرب وجودية، بمعنى أن الهزيمة تعنى استئصالهم في عقر دارهم كالخندق، فإن النصوص التي حفزت المسلمين على القتال جعلته مشروطا باعتدائهم وأوجبت وقفه لحظة أن يتوقفوا.
«وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ. فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ. الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ».
البعض يصدمه (اقتلوهم حيث ثقفتموهم)، فما الذي يفعله أي جيش في الدنيا لعدو قادم لقتله؟ لكن القرآن في أقسى المواقف والسيوف تتلاحم يؤكد أن الهدف هو وقف الاعتداء «فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ». ويؤكد أن هذا القتل ليس إلا قصاصا (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ).
■ ■ ■
والخلاصة أن القرآن لا يريد المسلمين أمة مستسلمة تُساق إلى الذبح، وإنما أمة حق لا تبدأ بالاعتداء، فإذا اعتدى عليها من حولها ردت الاعتداء بقوة وكرامة حتى يكف الطرف المعتدى، وعندها يحل السلام.
ولله در العقاد حين قال في كتابه «عبقرية محمد» إن الإسلام لم يحل السيف إلا حين أوجبته كل الشرائع الدنيوية، ألم تر إلى المصريين كيف أيدوا جيشهم حين ضرب داعش بعد ذبح المصريين في ليبيا؟ ثم كف جيشنا يده بعدها، فما الذي أباحه الإسلام غير هذا يا أولى الألباب؟